فلا وجه لالتزام اعتبار الصدق والكذب على مذهب النظام دون المشهور . وعلى الرابع بأنه إذا ثبت ذلك في المركبات الخبرية يثبت في غيرها فإنه إذا اعتبرت النسبة ذهنية فلا بد من اعتبار الموضوع والمحمول كذلك ، فيعم الحكم لسائر الألفاظ حتى الإنشاءات نظرا إلى وضع مبادئها لذلك فيتبعها أوضاع المشتقات . والتحقيق في الجواب : أن يقال : إن الدليل المذكور على فرض صحته إنما يفيد عدم وضع الألفاظ للأمور الخارجية المأخوذة مع الوجود شطرا أو شرطا ، وأما لو قيل بوضعها للماهيات بملاحظة وجودها في الخارج أو على النحو الذي اخترناه فلا دلالة فيه على بطلانه أصلا ، إذ لا يستلزم دلالة اللفظ عليها ، كذلك وجودها في الخارج إذ دلالة اللفظ على شئ باعتبار وجوده لا يستلزم وجوده ، فإن طابق مدلوله ما هو الواقع كان صدقا وإلا كان كذبا واللفظ مستعمل في معناه الحقيقي على الوجهين . ومع الغض عن ذلك فمن البين أن أقصى ما يفيده ذلك عدم وضعها للأمور الخارجية ولا يثبت به الوضع للأمور الذهنية ، لإمكان وضعها للماهيات . رابعها : أن في الألفاظ ما وضع للمعدومات الممتنعة أو الممكنة وما وضع للأمور الذهنية كالكلية والجنسية والفصلية ونحوها ، ومع ذلك كيف يعقل القول بوضعها للأمور الخارجية ؟ وفيه - مع عدم دلالة ذلك على وضعها للأمور الذهنية لاحتمال كون الوضع للماهية من حيث هي وعدم ثبوت الكلية بذلك ، إذ أقصى ما يفيده ثبوت وضع الألفاظ المذكورة للأمور الذهنية - أنه إنما يتم ذلك لو أريد وضعها للأمور الموجودة في الخارج على أحد الوجهين السابقين ، وأما لو أريد وضعها للأمور الخارجية على ما ذكرناه فلا ، وكذا لو أريد وضعها للمفاهيم بالنسبة إلى وجودها في الخارج ولو امتنع وجودها كذلك . نعم ، يتم حينئذ بالنسبة إلى المعدوم واللا شئ ، وكذا المفاهيم الذهنية مما لا يقبل الوجود في الخارج ، وقد مرت الإشارة اليه .