ورابعة بأنه أخص من المدعى فإنه إنما يفيد عدم الوضع للأمور الخارجية بالنسبة إلى المركبات الخبرية دون غيرها . ويرد على الأول أن الأمر الحاصل في الذهن إنما يؤخذ مرآة لما هو مدلول اللفظ والمحكوم عليه بالمطابقة وعدمها إنما هو مدلوله ، والمفروض أن مدلوله هو عين ما في الخارج فلا يمكن فرض المطابقة وعدمها بالنسبة اليه ، وحينئذ فمع انتفاء مدلوله في الخارج يكون اللفظ خاليا عن المعنى لوضعه لخصوص الموجود في الخارج والمفروض انتفائه ، هذا إذا كان الملحوظ استعماله فيما وضع له ، وأما إذا فرض استعماله في غير ما وضع له - أعني المفهوم المعدوم - فيكون إما غلطا أو مجازا ، ولا يندرج أيضا في الكذب إلا أن يلاحظ كذبه بالنظر إلى ظاهر اللفظ ، وفيه ما لا يخفى . ومع الغض عن ذلك نجعل التالي للشرطية المذكورة عدم إمكان الكذب مع استعمال اللفظ في حقيقته ، وهو أيضا واضح البطلان ، والملازمة ظاهرة مما ذكر . وعلى الثاني ما عرفت من وهن الكلام المذكور ، إذ لا ربط للاعتقاد بموضوعات الألفاظ خصوصا على هذا القول ، وأخذ العلم في معاني الألفاظ مذهب سخيف قام الدليل القاطع على فساده ، مضافا إلى عدم جريانه في صورة تعمد الكذب ، لانتفاء مطابقته لاعتقاده أيضا . وعلى الثالث أن ما ذكر مبني على أن يكون المقصود وضع الألفاظ للصور الذهنية بأنفسها أو ما يقرب من ذلك ، وقد عرفت وضوح فساده ، وأنه مما لم يذهب اليه أحد ، وأما إذا أريد وضعها للصور الذهنية من حيث كونها مرآة لملاحظة الخارج أو للمفاهيم المقيدة بكونها معلومة حسب ما مر فلا ورود لذلك أصلا . مضافا إلى أنه لو بني الأمر في القول المذكور على ما ذكر فاللازم حينئذ عدم اتصاف الخبر بالصدق والكذب على القول المذكور أيضا ، فيكون اللازم مشترك الورود بين القولين ، نظرا إلى كون الواقع بناء عليه هو الأمر الذهني والمفروض أنه عين الموضوع له فلا تغاير بين المدلول والواقع حتى يعتبر المطابقة وعدمها ،