والندب في غير ما يتعلق بالأحكام الشرعية ، ومنه يظهر وجه آخر لدفع المناقضة التي ذكرها المصنف ( رحمه الله ) . وقد يجاب عنه أيضا تارة بأن ذكر استعماله فيهما في القرآن والسنة لبيان قضاء الأصل بكونه حقيقة فيهما في الجميع ، إلا أنه لزم الخروج عن مقتضى الأصل المذكور بالنسبة إلى الندب في عرف الشارع للدليل الدال عليه فبقي الباقي . وأخرى بأن المراد استعماله في المعنيين في مجموع المذكورات ولو على سبيل التوزيع فالمقصود أن استعماله في مجموع المذكورات في الوجوب والندب دال على الاشتراك ، فإن استعماله بحسب اللغة إما في المعنيين ، أو أحدهما ، وعلى كل من الوجهين أما يثبت المطلوب ، أو بعض منه ، وكذا الحال في العرف بضميمة أصالة عدم النقل ، بل وكذا الحال بالنسبة إلى استعماله في الكتاب والسنة ، إلا أنه لما كان الاستعمال الذي يحتمل الحقيقة بالنسبة إليهما هو الوجوب دون الندب كان الثابت به جزء المعنى خاصة ، كذا ذكره المدقق المحشي ( رحمه الله ) . وأنت خبير ببعد الوجهين سيما الأخير فإنه مع ما فيه من التعسف الشديد لا يفي بإثبات المقصود على كل الوجوه ، إذ لو فرض استعماله في الوجوب أو الندب بحسب اللغة وثبت استعماله فيهما بحسب العرف أو الشرع لم يتجه إثبات الاشتراك بحسب اللغة أيضا ، لأصالة تأخر الحادث وتجدد المعنى ، ولا يمكن دفع ذلك بأصالة عدم النقل ، إذ لا نقل في المقام . مضافا إلى أنه ( رحمه الله ) لم يتمسك فيما ذكره بالأصل المذكور ولا أشار اليه في المقام فضم ذلك إلى الدليل المذكور خروج عن ظاهر كلامه بل صريحه كما لا يخفى . قوله : * ( بامتناع عدم الاطلاع على المتواتر ممن يبحث ويجتهد ) * كأنه أراد بذلك دفع احتمال أن يكون متواترا عند قوم دون آخرين ، وذلك لأنه إنما يتصور ذلك مع المساهلة في البحث والاجتهاد ومع عدمها تقضي العادة بامتناع الغفلة عنه مع حصوله . وهو كما ترى ، إذ موانع العلم لا تنحصر في عدم الاطلاع على الأخبار ،