وكأن المقصود به الإشارة إلى الخلاف الواقع في اعتبار إرادة المطلق حسب ما عرفت من زعم الأشاعرة عدم الحاجة إليها في تحقق الأمر ، وبنائهم على المغايرة بين الطلب والإرادة ، وأما غيرهم فبنوا على اتحاد الأمرين ، وحينئذ فلا يمكن تحقق الأمر من دون حصولها ، فمرجع هذا البحث إذن إلى البحث المتقدم . واحتج في المعارج وغيره بأن الصيغة ترد أمرا كقوله : * ( وأقيموا الصلاة ) * [1] وغير أمر كقوله : * ( اعملوا ما شئتم ) * [2] ولا مخصص إلا الإرادة . فإن أراد به توقف كونه للطلب على إرادة المطلوب - إذ لا مخصص له بذلك إلا الإرادة المذكورة فيكون الغرض دفع ما ذهب اليه الأشاعرة من الاختلاف بين الأمرين وإمكان مفارقة الطلب عن الإرادة فلا حاجة إليها في صدق الأمر - ففيه : أن من البين أن إرادة الطلب كافية عندهم في تخصيصه بالطلب من غير حاجة إلى إرادة المطلوب . وإن أراد به توقف كونه للطلب على إرادته - إذ لا مخصص له سواها كما هو الظاهر من كلامه - فقد عرفت أنه مما لا كلام فيه . وكيف كان ، فالظاهر أن النزاع المذكور إما لفظي ، أو أنه يعود إلى النزاع المتقدم وإن اختلفا في ظاهر العنوان ، فعدهما بحثين وإطالة الكلام في المقام كما في النهاية ليس على ما ينبغي . المقام الثالث : في أن لفظ الأمر هل يفيد الوجوب وضعا أو لا ؟ وقد اختلفوا في ذلك على قولين ، والأرجح كونه حقيقة في الطلب أو الصيغة الدالة عليه على نحو ما ذكرناه في حده ، فيعم ما إذا كان الطلب على سبيل الحتم والإلزام أو على سبيل الندب ، سواء كان صادرا من العالي أو المستعلي أو هما معا . ويدل عليه أنه لا فارق عرفا من الجهة المذكورة بين الأمر ومطلق الطلب