الصادر من العالي أو المستعلي مع أن لفظ " الطلب " حقيقة في المعنى الأعم اتفاقا على ما يظهر منهم ، فكذا ما بمنزلته ، بل لو غض عن ذلك وادعي تبادره عرفا في مطلق الطلب كان في محله ، كما لا يخفى على المتأمل . ويومئ اليه تعميم الالتماس والدعاء لما كان الطلب الواقع من المساوي أو الداني على سبيل الحتم أو غيره ، كما هو ظاهر من ملاحظة العرف ، فالظاهر كون الأمر أيضا كذلك . مضافا إلى أنهم لم يعتبروا في حده ما يفيد الإلزام وإنما أخذوا فيه طلب الفعل أو اقتضاءه أو استدعاءه أو ما يفيد مفاد ذلك الشامل لصورة الإلزام وخلافه ، وليس ذلك إلا لانصرافه إلى ذلك بحسب فهم العرف . وأخذ الاستعلاء في جملة من حدوده لا يدل على كون الطلب على سبيل الحتم ، لوضوح أن الطلب الحتمي كما قد يكون مع الاستعلاء وقد يكون مع عدمه كذلك الطلب الندبي يكون على الوجهين ، فإن اقتضاء الشئ مع الإذن في تركه لا ينافي استعلاء المتكلم أصلا ، بل ظاهر قوله : " أذنت لك في تركه " يفيد الاستعلاء ، كما أن قولك : " ندبت عليك هذا الفعل " ظاهر فيه . والحاصل : أن الاستعلاء مما يتبع اعتبار المتكلم سواء كان ذلك في مورد التكليف أو غيره ، فلو قال : " أبحت لك هذا الفعل " أفاد الاستعلاء . بل قد يحصل الاستعلاء في الإخبارات أيضا ، نظرا إلى ملاحظة الخصوصيات الملحوظة في المخاطبات وخصوصيات بعض الألفاظ مما يقع بها الخطاب . بل قد يكون الاستعلاء مستفادا من الأفعال وملاحظة الأحوال ، فما في كلام بعض الأعلام من جعل الاستعلاء مستلزما للإلزام المنافي للندب كما ترى . وما أورده على القائل بعدم إفادة لفظ " الأمر " الوجوب - بأنه إما أن يقول بأن الأمر هو الطلب من العالي لا من حيث إنه مستعل وقد عرفت بطلانه ، أو يأخذ الاستعلاء في مفهوم الندب ويجعله أعم من الندب وستعرف بطلانه - غير وارد