responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نهاية الأصول نویسنده : الشيخ المنتظري    جلد : 1  صفحه : 354


الخطاب أمرا غير قار لا يبقى إلى زمان وجود المخاطب ، كما إذا خوطب بوسيلة الألفاظ ، ولم تكن في البين وسائل لحفظها وحكايتها ، فهذا أيضا غير معقول ، إذ المخاطب في ظرف عدمه لا يقبل الخطاب ، وفي ظرف وجوده يكون الخطاب معدوما ، وإن كانت آلة الخطاب ووسيلته من الأمور القارة ، كالكتابة ونحوها ، أو كانت بحسب الذات من الأمور غير القارة كالألفاظ ، ولكن كانت في البين وسائل لحفظها وحكايتها ، فحكاها السامعون لمن بعدهم ، وهكذا حفظها ووعاها كل واحدة من الطبقات وأداها إلى من بعدها ، فمثل هذا الخطاب لا مانع من شموله للمعدومين حال الخطاب ، بنحو يصير كل فرد منهم بعد ما وجد وصار من مصاديق الموضوع مشمولا للخطاب .
والخطابات القرآنية من هذا القبيل ، فإنها صدرت عن الله تعالى بداعي الافهام والاعلام ، ونزلت على قلب النبي صلى الله عليه وآله بوسيلة جبرائيل ، وألقاها النبي صلى الله عليه وآله إلى الناس بما أنها كلمات الله تعالى ، ثم إنها بقيت بوسيلة النقل والكتابة معا ، حتى وصلت إلى جميع الناس طبقة بعد طبقة ، فيكون الجميع مخاطبين بها كل في زمان وجوده ، فقوله تعالى مثلا : يا أيها الذين آمنوا كلام ألقي من الله تعالى إلى الذين آمنوا ، بداعي إفهام ما تضمنه من الحكم الشرعي ، والمعدوم حال عدمه ليس مصداقا للمؤمن ، فلا يشمله الخطاب ، ولكنه بعد ما وجد وصار مؤمنا يصير من مصاديق ما جعل موضوعا ، فيصير ممن أريد إفهامه وإعلامه بنفس هذا الخطاب الواصل إليه بسبب النقل والوجود الكتبي ، فجميع المؤمنين مخاطبون بنفس هذا الخطاب من قبل الله تعالى ، لا من قبل النبي صلى الله عليه وآله ، فإنه أيضا من الوسائط ونسبته تعالى إلى جميع الموجودات في جميع الأعصار على السواء ، فكل منهم في ظرف وجوده حاضر لديه وهو ( تعالى ) محيط بالجميع إحاطة قيومية وعلمية ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة ، وقد أراد بكلامه خطاب الجميع ، بحيث يتلقى كل منهم في ظرف وجوده كلامه ( تعالى ) ، ويفهم مراده ويعمل بمضمونه ، كيف وإلا يلزم أن لا يكون الحاضرون أيضا مخاطبين بكلام الله تعالى ، لعدم حضورهم في مرتبة ذاته المقدسة ، وعدم تلقيهم كلامه تعالى بالوحي ، فنسبة الموجودين حال الخطاب إليه تعالى ، كنسبة الموجودين في الأعصار المتأخرة ، وكل منهم قد تلقى خطاباته تعالى في ظرف وجوده بالواسطة ، فالجميع مخاطبون بها في ظرف وجودهم ، ويكون الخطاب بالنسبة إليهم خطابا حقيقيا .
ومن هذا القبيل أيضا الخطابات الصادرة عن المصنفين في مؤلفاتهم مثل قولهم : ( اعلم ) أو ( تدبر ) أو نحوهما ، فإنها لما كانت تبقى ببقاء الكتابة كانت خطابات حقيقية أريد بها إفهام كل من راجع الكتاب ، فافهم وتدبر .

354

نام کتاب : نهاية الأصول نویسنده : الشيخ المنتظري    جلد : 1  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست