[1] لعله إشارة إلى امتناع الوضع التعييني بنفس الاستعمال، لاستلزامه اجتماع الضدين، و ذلك لأنّ الوضع يقتضي تصور اللفظ استقلالا، و الاستعمال الّذي حقيقته إفناء اللفظ في المعنى يقتضي تصور اللفظ مرآتاً، فقصد إنشاء الوضع بنفس الاستعمال يستلزم الجمع بين لحاظي الاستقلالية و الآلية، و هو ممتنع لتضاد اللحاظين [1].
[2] هذا إشكال على إنشاء الوضع بهذا النحو، و حاصله: أنّه يلزم أن لا يكون هذا الاستعمال حقيقياً و لا مجازياً، إذ (الأول) عبارة عن استعمال اللفظ فيما وضع له، و هو يقتضي سبق الوضع على الاستعمال، و المفروض إنشاء الوضع بنفس هذا الاستعمال، فلا يكون هذا الاستعمال بحقيقي. و (الثاني) عبارة عن الاستعمال في غير ما وضع له مع العلاقة المعتبرة بين المعنى الحقيقي و المجازي، و هذه العلاقة مفقودة هنا، فليس هذا الاستعمال مجازياً أيضا، فلا يصح مثله.
[1] هذا واضح بناءً على أنّ المراد بالاستعمال المحقق للوضع إفناء اللفظ في معناه، و أمّا بناءً على كون المراد به إلقاء اللفظ بقصد إيجاد العلقة بينه و بين المعنى مع نصب قرينة على كونه بصدد إيجاد تلك العلقة - و هي الوضع - و هذا إنشاء للوضع بالفعل - كإنشاء التمليك بالمعاطاة - فلا بأس به و لا محذور فيه و بالجملة: فليس هذا من باب الاستعمال المنقسم إلى الحقيقي و المجازي، و لذا اعترف المصنف (قده) بأنّ عدم كونه حقيقياً و لا مجازياً غير ضائر. فالإشكال عليه بأنّ إنشاء الوضع بنفس الاستعمال يستلزم اجتماع اللحاظين المتضادين غير ظاهر، هذا. مضافاً إلى أنّه - على فرض غلطية هذا الاستعمال - لا وجه لمنع إنشاء الوضع به، لتحقق العلقة الوضعيّة به قهراً من دون إناطة بشيء، كاللحن غير المغير للمعنى في إنشاء العقود، فإنّه غير مانع عن إنشائها.