و قبل الخوض في تحقيق الحال لا بأس بتمهيد مقال، و هو: أنّ الوضع التعييني كما يحصل بالتصريح بإنشائه كذلك يحصل باستعمال اللفظ في غير ما وضع له كما إذا وضع له، بأن يُقصد الحكاية عنه و الدلالة عليه بنفسه [1] لا بالقرينة و إن كان لا بد حينئذٍ [2] من نصب قرينة، إلاّ أنّه [3] للدلالة على ذلك، لا على إرادة المعنى كما في المجاز [4]،
[1] أي بنفس اللفظ ليمتاز عن الدلالة على المعنى المجازي الّذي يكون بمعونة القرينة، و محصل ما أفاده في المقام هو: أنّ الوضع التعييني خفيف المئونة، لأنّه كما يتحقق بتصريح الواضع بإنشائه كأن يقول: إني وضعت اللفظ الكذائي للمعنى الفلاني، كذلك يتحقق بنفس استعمال لفظ في معنى يقصد الوضع له و الحكاية عنه، فبنفس هذا الاستعمال يحصل الوضع، كما إذا قال لولده الّذي لم يُعيّن له اسماً بعد: - ناولوني ولدي هذا زيداً - قاصداً به تسمية ولده بزيد، فقبل الاستعمال لا يكون المستعمل فيه موضوعاً له، و بنفس الاستعمال يصير معنى حقيقياً للفظ. و بالجملة: (لمّا كانت) دعوى الوضع التعييني هنا في غاية الإشكال، إذ لو كان لبان، لعدم كونه من الأُمور التي أُخفيت لدواعٍ، و عدم كونه من قبيل عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود (ادعى) المصنف (قده) إمكانه بالنحو الثاني أي بنفس الاستعمال.