يكون [1] علامة مع توقفه على العلم بأنه موضوع له كما هو واضح؟ فلو كان العلم به موقوفاً عليه لدار [2]. فإنّه يقال [3]:
انحصار منشأ التبادر بالوضع، دون المناسبة الذاتيّة بين الألفاظ و المعاني التي لا نقول بها، و كان انسباق معنى خاص من المعاني المتشتتة منوطاً بالعلم بالوضع له، و إلاّ لزم الترجيح بلا مرجح، و الانسباق بلا وجه (لزم) الدور، لتوقف التبادر على العلم بالوضع، و توقف العلم به على التبادر كما هو المفروض، إذ المقصود ترتب العلم بالوضع على التبادر الّذي جعل أمارة عليه.
[2] قد عرفت تقريب الدور، فلا يصلح التبادر حينئذٍ لإثبات العلم بالوضع.
[3] هذا دفع الإشكال، و حاصله: أنّ العلم بالوضع الّذي يتوقف على التبادر هو العلم التفصيليّ به، و العلم بالوضع الّذي يتوقف التبادر عليه هو العلم الإجمالي، حيث إنّه نعلم إجمالاً بأنّ للفظ - صعيد - مثلا معنى من المعاني المتعددة المعلومة تفصيلا عندنا، و ارتكازية هذا العلم إنّما هي لأجل وجود صورة العلقة و الارتباط بين اللفظ و المعنى في الذهن من دون التفات إليها، و بعد مراجعة الوجدان و حصول الالتفات ينسبق هذا المعنى بنفسه إلى الذهن من ذات اللفظ، فإنّ العلم تارة يكون مورداً للالتفات، و يسمى بالعلم التفصيليّ و العلم المركب، و أُخرى لا يكون مورداً له، و يسمى بالعلم الإجمالي و العلم البسيط. و بالجملة: فالمترتب على التبادر هو العلم التفصيليّ، و المترتب عليه التبادر هو العلم الإجمالي الارتكازي، و هذا التغاير بين العلمين يرفع غائلة الدور [1]. و مرجع هذا [1] بل لا ترتفع به، لأنّ العلم الإجمالي بكون أحد المعاني المعلومة تفصيلا هو ما وُضع له اللفظ لا يوجب تبادر خصوص الموضوع له من بين