و في نفسه كذلك [1] فتأمل في المقام، فإنّه دقيق و قد زلّ فيه أقدام غير واحد من أهل التحقيق و التدقيق. (الثالث) صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له، هل هو بالوضع أو الطبع؟ وجهان بل قولان، أظهرهما أنّها بالطبع، بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه [2] و لو مع منع الواضع عنه [3]، و باستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه و لو مع ترخيصه [4]، و لا معنى لصحته إلا خصوصيته، سواء كان المعنى اسمياً أم حرفياً، فكل من الموضوع له و المستعمل فيه فيهما عام.
>[1] أي: دخيلاً في المعنى و موجباً لتشخصه و جزئيته. فتحصل من جميع ما أفاده المصنف (قده): أنّ كلاًّ من الوضع و الموضوع له و المستعمل فيه في الحروف و أسماء الإشارة و الضمائر كأسماء الأجناس عام، لكون التشخص فيها ناشئاً من قبل الاستعمالات، و يستحيل تشخص المعنى بالخصوصيات الناشئة من قبلها، لما مر آنفاً من استلزامه الدور [1].
[3] أي: عن الاستعمال، فحسنه مع المنع دليل على عدم توقف صحة الاستعمال المجازي على وضع الواضع.
[4] فلو كان صحة الاستعمال المجازي منوطة بالوضع لم يكن وجه لاستهجان [1] لا يخفى أنّه بناءً على خروج الإشارة و التخاطب و غيرهما عن حيز الموضوع له و المستعمل فيه - ينهدم أساس الشبه المعنوي الّذي جعله النحويون موجباً لبناء جملة من الأسماء و ان كان لا يلزم منه إعراب تلك الأسماء، لوجود ما عدا الشبه المعنوي فيها مما يوجب بناءها كما لا يخفى.