ثانياً، و ليس العلم بالحكم كذلك، لأنّ مقتضى موضوعيته هو توقف الحكم عليه تصوراً و وجوداً، و المفروض توقف العلم على الحكم أيضا، لتقدم المعلوم على العلم، فيستحيل دخل العلم بالحكم في موضوع نفس هذا الحكم، لمحذور الدور، لتوقف الحكم على العلم به، لأنّه موضوعه، و توقف العلم عليه، لتقدم المعلوم على العلم، فتصور العلم بالحكم موضوعاً لنفس هذا الحكم ممتنع، لامتناع وجوده في الخارج قبل الحكم، و من المعلوم: تقدُّم كل موضوع على حكمه، فإنشاءُ الحكم مقيّداً بالعلم به مستحيل، حيث إنّ المتصوَّر في مقام الإنشاء لا بدّ و أن ينطبق على ما في الخارج، و قد عرفت عدم انطباقه عليه، إذ لا يوجد العلم بالحكم قبل الحكم حتى يكون كالبلوغ و العقل و القدرة من الشرائط العامة، و الاستطاعة و مالكية النصاب و نحوهما من الشرائط الخاصة، و إذا امتنع التقييد امتنع الإطلاق أيضا بناءً على كون التقابل بينهما تقابل العدم و الملكة كما أشرنا إليه آنفاً. و أمّا امتناع التقييد في مرحلة الفعلية، فقد ظهر وجهه مما تقدم من استلزامه تقدُّم الشيء على نفسه، و كونه موجوداً و معدوماً في آنٍ واحد، لأنّ مقتضى موضوعية العلم تقدُّمه على الحكم، فيكون موجوداً قبل الحكم، و مقتضى تقدم المعلوم على العلم تأخُّره عن الحكم، إذ لا بدّ من وجوده حتى يعلم به المكلف، و ليس هذا إلاّ اجتماع النقيضين المستحيل، فملاك استحالة الدور - و هو اجتماع النقيضين - موجود هنا. و أمّا امتناع التقييد في مرحلة الامتثال، فوجهه: أنّه يعتبر في الامتثال إحراز الحكم على النحو المترتب على موضوعه، و إحرازه كذلك هنا غير ممكن،