تكون [1] عين الطلب كون المنشأ بالصيغة في الخطابات الإلهية هو العلم، و هو بمكان من البطلان [2]. لكنك غفلت [3] عن أنّ اتحاد الإرادة مع العلم بالصلاح إنما
[2] لما عرفت في تقريب الوهم من عدم تعلق الإنشاء إلاّ بالموجودات الاعتبارية.
[3] هذا دفع للتوهم المذكور، و حاصله: أنّ المنشأ بالصيغة هو مفهوم الطلب، لا الطلب الخارجي الّذي هو عين الإرادة التشريعية التي هي العلم بالصلاح، فلا يلزم إنشاء العلم بالمصلحة الّذي هو من الموجودات الحقيقية، إذ موطن اتحاد الإرادة التشريعية مع العلم بالصلاح هو الوجود الخارجي لا المفهوم، لأنّ صفاته جلّ و علا عين ذاته، فالوحدة وجودية لا مفهومية [1]، و الإنشاء متعلق بالمفهوم، لا الوجود حتى يلزم إنشاء الوجود الخارجي، فلا تنافي بين صحة إنشاء الطلب بالصيغة، و بين اتحاد الطلب و الإرادة.
[1] لكن عن جماعة من المعتزلة اتحاد الإرادة و العلم مفهوما، بل استظهر ذلك أيضا من عبارة المحقق الطوسي (قده) في التجريد، حيث قال في مبحث الكيفيات النفسانيّة: «و منها الإرادة و الكراهة، و هما نوعان من العلم» انتهى، قال العلامة (قده) في شرحه: «و هما نوعان من العلم بالمعنى الأعم، و ذلك لأنّ الإرادة عبارة عن علم الحي أو اعتقاده أو ظنه بما في الفعل من المصلحة، و الكراهة علمه أو ظنه أو اعتقاده بما فيه من المفسدة، هذا مذهب جماعة، و قال آخرون: إنّ الإرادة و الكراهة زائدتان على هذا مترتبتان عليه، لأنّا نجد من أنفسنا ميلا إلى الشيء أو عنه مترتبا على هذا العلم، و هو يفارق الشهوة، فإنّ المريض يريد شرب الدواء و لا يشتهيه» انتهى.