قبولها، كقوله تعالى في سورة الأنعام الآية 150: «فلو شاء لهداكم أجمعين» و قد أريدت الهداية بهذا المعنى في جملة من الروايات التي ذكرها في الجزء الثالث من البحار في باب الهداية و الضلالة، فراجع. الرابع: إيجاد مقتضيات الخير و العبودية على نحو لا ينافي الاختيار، كتولّد العبد في جامعة حاوية للفضيلة و فاقدة للرذيلة، أو من أبوين تقيّين، و أمثال ذلك مما له دخل إعدادي في التوجه إلى الخير و الطاعة، و التحرز عن الشرّ و المعصية. فالجواب: أنّ المراد من الهداية التي استعملت فيما ظاهره استناد الهداية و الضلالة إلى مشيته تعالى هو هذا المعنى الرابع. فقد ظهر إلى هنا فائدتان: الأولى: وجه الالتئام بين الآيات التي تدل على أنّه تعالى هدى الناس جميعا، و بين الآيات التي تدل على أنّه تعالى إنّما هدى بعضهم دون بعض. تقريبه: أنّ المراد بالهداية في الطائفة الأولى هو معناها الثاني أعني الهداية التشريعية، و المراد بها في الطائفة الثانية هو معناها الثالث أعني الهداية الموصلة إلى المطلوب. الثانية: الجواب عن الآيات الظاهرة في استناد الهداية و الضلالة إلى مشيته تعالى. تقريبه: أنّه إذا شاء هداية العبد تعلقت مشيته تعالى بتوجيه مقتضيات الخير و علله الناقصة المعدّة إلى العبد بحيث لا تنافي الاختيار، و إذا شاء ضلالته تعلّقت مشيته تعالى بسلب تلك المقتضيات عنه، من دون منافاة بين هذا التعلُّق و اختيار العبد.