اللَّه كقوله تعالى: «و لا تقولن لشيء إنّي فاعل ذلك غدا إلاّ أن يشاء اللَّه»، فيدل على عدم فاعلية العبد لفعله و إناطتها بمشيته تعالى، و ليس هذا إلاّ الإلجاء. و الجواب عنه هو: أنّ هذه الآية في مقام الرد على المفوضة القائلين بأنّ العبد هو الفاعل، و أنّه المحصِّل لجميع شرائط الفاعلية و مقتضياتها، إلاّ أن يمنع اللَّه عز و جل عن تأثير فاعليته بمشيته، و محصل ما يستفاد من هذه الآية الشريفة هو النهي عن القول بكون العبد فاعلا تاما إلاّ أن يشاء اللَّه تعالى - أي يمنعه عن الفعل - كما زعمه المفوضة، إذ من المعلوم: أنّ العبد ليس فاعلا تاما أي محصلا لشرائط فاعليته، لكنه ليس مستلزما للجبر، لما مرّ من أنّ العبد يعمل مختارا بما أفاضه اللَّه تعالى عليه من القدرة. ثانيهما: ما ظاهره استناد الضلالة و الهداية إلى مشيته تعالى، كقوله عز و جل: «يضل من يشاء و يهدي من يشاء» و غيره مما هو بمضمونه. و الجواب عن ذلك: أنّ الهداية تطلق على معان: الأوّل: الهداية التكوينية، و هي إفاضة الوجود على الكائنات، و جعلها منظمة لتترتب عليها الغايات و الأغراض. الثاني: الهداية التشريعية، و هي إنزال الكتب، و إرسال الرسل، و نصب الأوصياء، و إيجاد سائر وسائل التبليغ و الإرشاد، و هي المرادة بقوله تعالى: «أنّا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا» فمعنى الهداية حينئذ إراءة طريق الحق، فان شاء العبد سلكه و إن شاء تركه. الثالث: الهداية الموصلة إلى المطلوب بحيث لا يبقى للعبد اختيار في عدم