بداهة [1] أنّ تصور المستعمل فيه مما لا بد منه في استعمال الألفاظ، و هو كما ترى [2]. مع أنّه [3] يلزم أن لا يصدق على الخارجيات، لامتناع صدق الكلي العقلي [4]
[1] هذا تقريب الإشكال، و حاصله: أنّ الاستعمال متقوم بلحاظ اللفظ و المعنى، سواء كان بسيطاً أم مركباً، فإذا (فرض) تركب معنى كلمة - من - مثلا من الابتداء و اللحاظ، و المفروض تقوم الاستعمال بلحاظ اللفظ و المعنى (لزم) تعدد اللحاظ في الاستعمال، حيث إنّ أحد اللحاظين جزء المعنى و الآخر مقوم للاستعمال، و من المعلوم: أنّ تعدد اللحاظ خلاف الوجدان، فلا بد من كون المستعمل فيه ذات المعنى بدون اللحاظ.
[3] هذا ثاني الإشكالات الثلاثة المشار إليها، و ملخصه: أنّ تركّب المستعمل فيه من المعنى و اللحاظ يستلزم عدم صدق المعنى على الخارجيات، و امتناع امتثال الأمر في مثل قوله: «سر من البصرة» لأنّ اللحاظ الّذي موطنه الذهن يوجب تقيد المعنى بالوجود الذهني، و من المعلوم مباينة الموجود الذهني للموجود الخارجي و عدم صدق أحدهما على الآخر، فلا بد من تجريد المعنى عن خصوصية اللحاظ ليخرج مثل قوله: «سر من البصرة» عن التكليف بما لا يطاق، لصيرورة المأمور به حينئذٍ كلياً طبيعياً قابلا للانطباق على الخارجيات.
[4] الكلي العقلي باصطلاح أهل الميزان هو مجموع العارض و المعروض كالإنسان الكلي، و تسميته بالكلي العقلي لأجل تخصّص المفهوم بالتخصّص العقلي و هو الكلية التي لا موطن لها إلاّ العقل، و الكلي العقلي بهذا المعنى لا ينطبق على المقام، لأنّ قيد - المعنى - هو اللحاظ دون وصف الكلية، فالأولى التعبير عنه بالجزئي الذهني، و لعل التعبير عنه بالكلي العقلي لأجل كون نفس المعنى كلياً و قيده أعني اللحاظ عقلياً، إذ موطنه العقل.