السعيد سعيداً و الشقي شقياً، فإنّ السعيد سعيد بنفسه و الشقي شقي كذلك، و إنّما
«و قفوهم أنهم مسئولون». و ثالثاً: من أنّ ذاتيتهما تُنافي ما ورد من العفو عن بعض الذنوب بالشفاعة أو غيرها، إذ لا معنى للعفو حينئذٍ. و رابعاً: من عدم انطباق حدِّ الذاتي على السعادة و الشقاوة اللتين يترتب عليهما الثواب و العقاب، أمّا الذاتي الإيساغوجي - و هو الجنس و الفصل - فواضح، و أمّا الذاتي البرهاني - و هو ما ينتزع عن نفس الذات من دون حاجة إلى ضم ضميمة كإمكان الإنسان و غيره من الماهيات الإمكانية - فلوضوح عدم كون السعادة و الشقاوة كذلك، لأنّهما من الصفات العارضة للنفس كسائر الأوصاف النفسانيّة. و خامساً: من أنّه - بعد تسليم كونهما ذاتيتين - لم ينهض دليل عقلي و لا نقلي على كونهما بنحو العلة التامة كقبح الظلم و حُسن الإحسان و نحو ذلك حتى يلزم الجبر، فيمكن أن تكون ذاتيتهما بنحو الاقتضاء، كقبح الكذب، و من المعلوم أنّ مجرد وجود المقتضي لا يكفي في ثبوت الجبر بعد القدرة على إيجاد المانع عن تأثيره، و لا يدل الخبران المذكوران على العلية التامة أصلا. أمّا الخبر الأوّل، فلأنّ المراد بالسعيد و الشقي في بطن الأُم هو علمه سبحانه و تعالى بكونه شقياً أو سعيداً و هو في بطن أُمه، فعن ابن أبي عمير قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام عن معنى قول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله: الشقي من شقي في بطن أُمه و السعيد من سعد في بطن أُمّه، فقال: الشقي من علم اللَّه و هو في بطن أُمّه أنّه سيعمل أعمال الأشقياء، و السعيد من علم اللَّه و هو في