الجريان إلى الميزاب و إن كان إسنادا إلى غير ما هو له و بالمجاز إلاّ أنه [1] في الإسناد لا في الكلمة، فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق [2] قد استعمل في معناه الحقيقي [3] و إن كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي، و لا منافاة بينهما [4] أصلا كما لا يخفى، و لكن ظاهر الفصول بل
[1] أي: إلاّ أنّ المجاز في الإسناد كما عرفت في المثالين المتقدمين.
[2] يعني: كما هو مفروض البحث، حيث إنّ المبحوث عنه في مبحث المشتق هو وضع هيئته لخصوص حال التلبس أو الأعم، و أمّا كيفية ثبوت المبدأ للذات و أنّها بنحو الحقيقة في الإسناد أم المجاز فيه فهي خارجة عن حريم هذا البحث.
[3] و هو ذات ثبت له الجري مثلا على القول بالتركيب و إن كان مبدؤه و هو الجري مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي، نظير إسناد الإنبات إلى الربيع مع استعمال الألفاظ في معانيها الحقيقية و عدم لزوم مجاز في الكلمة، بل المجاز إنّما هو في الإسناد أي إسناد الإنبات إلى الربيع، حيث إنّ المنبت للبقل حقيقة هو اللَّه تعالى شأنه لا الربيع، ففي مثال - الميزاب جار - لم يستعمل المشتق و هو - جار - إلاّ في ذات ثبت له الجري و هو المعنى الحقيقي للمشتق، إلاّ أنّ ثبوت الجريان للميزاب يكون بنحو المجاز في الإسناد، فلا يلزم المجاز في الكلمة أصلا.
[4] أي: بين استعمال المشتق في معناه الحقيقي و بين الإسناد المجازي كما عرفت في مثال - أنبت الربيع البقل - في استعمال الألفاظ في معانيها الحقيقية مع لزوم المجاز في الإسناد.
للماء المباين للميزاب، فلا يعد الجريان وصفا للميزاب لا بلا واسطة و لا معها، و لكن يصح إسناد الجريان إلى الميزاب مجازا، و بهذا الاعتبار يصير الميزاب متلبسا بالجريان بلا واسطة في العروض.