يكون التغاير حقيقياً و الاتحاد اعتبارياً، و ذلك بتنزيل الأشياء المتغايرة منزلة شيء واحد و ملاحظتها من حيث المجموع. و بالجملة: فيلحقه بذلك الاعتبار وحدة اعتبارية، فيصح حمل كلِّ جزءٍ من أجزائه المأخوذة لا بشرط عليه، و حمل كل واحد منها على الآخر بالقياس إليه نظراً إلى اتحادهما فيه كقولك: - الإنسان جسم أو ناطق - فإنّ الإنسان مركّب في الخارج حقيقة من بدن و نفس، لكن اللفظ إنّما وضع بإزاء المجموع من حيث كونه شيئاً واحداً و لو بالاعتبار، فإن أُخذ الجزءان بشرط لا - كما هو مفاد لفظ البدن و النّفس - امتنع حمل أحدهما على الآخر و حملهما على الإنسان، لانتفاء الاتحاد بينهما، و إن أُخذ اللا بشرط - كما هو مفاد الجسم و الناطق - صح حمل أحدهما على الآخر و حملهما على الإنسان، لتحقق الاتحاد المصحح للحمل. فقد تحقق مما قررنا: أنّ حمل أحد المتغايرين بالوجود على الآخر بالقياس إلى ظرف التغاير لا يصح إلاّ بشروط ثلاثة: أخذ المجموع من حيث المجموع، و أخذ الأجزاء لا بشرط، و اعتبار الحمل بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع، إذا تبين عندك هذا فنقول: أخذ العرض لا بشرط لا يصحِّح حمله على موضوعه ما لم يعتبر المجموع المركب منهما شيئاً واحداً، و يعتبر الحمل بالقياس إليه، و لا خفاء في أنّا إذا قلنا: - زيد عالم أو متحرك - لم نرد بزيد المركب من الذات و صفة العلم أو الحركة، و إنّما نريد به الذات وحدها، فيمتنع حمل العلم و الحركة عليه و ان اعتبر لا بشرط. بل التحقيق: أنّ مفاد الهيئة مفاد ذو، و لا فرق بين قولنا: ذو بياض و قولنا: ذو مال، فكما أنّ المال إن اعتبر لا بشرط لا يصح حمله على صاحبه كذلك البياض» انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه.