و إلاّ كان كل باب [1] بل كل مسألة [2] من كل علم علماً على حدة كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمل، فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجباً للتعدد [3] كما لا يكون وحدتهما سبباً لأن يكون من الواحد [4]. ثم إنّه ربما لا يكون لموضوع العلم - و هو الكلي المتحد مع موضوعات المسائل - عنوان خاص و اسم مخصوص، فيصح أن يعبر عنه بكل ما دل عليه [5]، بداهة عدم دخل ذلك في موضوعيته أصلا [6].
[1] أي: و إن لم يكن تمايز العلوم بتمايز الأغراض بل كان بتمايز الموضوعات أو المحمولات لزم أن يكون كل باب كباب الفاعل و المفعول من علم النحو و باب الألفاظ و الأمارات مثلا من علم الأُصول علماً على حدة.
[2] يعني: بل يلزم أن يكون كل مسألة علماً على حدة كرفع الفاعل و ركنيته و مضمريته كما تقدم آنفاً، لاختلاف المحمول في هذه المسائل، فلو كان الملاك في وحدة العلم و تعدده وحدة المحمول و تعدده لزم أن يكون كل واحدة من هذه المسائل علماً مستقلا، و هو واضح الفساد، لامتياز مسائل العلم الواحد بعضها عن بعض موضوعاً أو محمولا أو كليهما كالفاعل مرفوع و المفعول منصوب.
[4] يعني: كما لا يكون وحدة الموضوع و المحمول - كقولنا: «الأمر حقيقة في الوجوب» المذكور في علمي الفقه و الأصول - كاشفة عن وحدة الغرض، لما عرفت من إمكان ترتب أغراض متعددة على قضية واحدة، فليست وحدة المسألة موضوعاً و محمولا سبباً لوحدة الغرض المترتب عليها.