وبالجملة : فأخذ قصد الامتثال لا يستلزم ما أفاده بالنسبة إلى مقام الامتثال . والمهم تحقيق ما افاده في مقام الفعلية ، وقد عرفت أنه يبتني على امرين : الأول : ان كل ما يؤخذ في متعلق الحكم ولم يكن الامر داعيا إليه كان مفروض الوجود : الثاني : ان كل ما هو مفروض الوجود يكون الحكم متأخرا عنه بحيث لا يصير فعليا إلا بعد وجوده . فإنه بتمامية هذين الامرين يثبت توقف فعلية الامر على الامر وهو محال . ولا يخفى ان كلا الامرين محل بحث وكلام ، فان تسليم الأول لا يستلزم تسليم الثاني . والبحث في الامر الثاني ليس محله ههنا ، بل محله مبحث الواجب المعلق ، وقد التزم به - كما التزم بالأول - المحقق الثاني ، ولذلك بنى على أن وجوب الحج مثلا لا يصير فعليا الا بحلول وقته للغوية فعلية الوجوب قبل الوقت مع عدم امكان الامتثال إلا في الوقت . وانما البحث مع المحقق ( قدس سره ) في الامر الأول - بفرض تسليم الامر الثاني له وعدم مناقشته فيه لو ثبت الامر الأول - ، فيقع الكلام فعلا في أن كل ما يكون مأخوذا في متعلق الخطاب ولم يصلح الامر للداعوية إليه يلزم أن يكون مفروض الوجود ، فتتوقف فعلية الامر على فعليته ، أو ليس الامر كذلك ، بل يمكن ان يتصور ما هو مأخوذ في متعلق الامر وليس الامر بصالح للدعوة إليه ولم يكن مفروض الوجود ؟ . ولا يخفى ان الكلام يقع أولا بلحاظ مقام الثبوت ، اما مقام الاثبات فهو متفرع على مقام الثبوت ، فان ثبتت الملازمة بنحو الكلية فلا مجال لتحرير الكلام اثباتا ، واما إذا لم تثبت الملازمة الكلية فلا بد حينئذ من لحاظ الدليل على الحكم واستظهار فرض وجود الشئ وعدمه . فالكلام بدوا في مرحلة الثبوت ومعرفة وجود الملازمة كليا أو جزئيا .