العبادية وهي قليلة كما عرفت . وان أريد من مثل قوله : ( لا عمل الا بنية ) ان نسبة الفعل إلى الفاعل وكون الفعل فعلا له انما تكون إذا صدر الفعل عن قصد واختيار وبدونه لا يكون العمل عملا اختياريا له ، فيكون المراد من النية ما يساوق القصد والاختيار لا نية القربة . ويكون المعنى : ان العمل الصادر عفوا وبلا إرادة لا يكون عملا للشخص ، بل الاسناد إلى الشخص بتقوم بالقصد ونية العمل ، فلا يقال لمن أكرم هاشميا مع عدم العلم بهاشميته أنه أكرم هاشميا بما هو هاشمي لعدم القصد إلى العنوان ان أريد ذلك فهو معنى متجه ، لكنه أجنبي عن المدعى - أعني اثبات كون الأصل في الأوامر العبادية كما لا يخفى - . مضافا إلى أنه يدفعه ظاهر بعض الروايات التي تقتضي عدم إرادة هذا المعنى ، كقوله : ( لا قول إلا بعمل ولا عمل الا بنية ولا نية الا بإصابة سنة ) [1] ، فان ظاهر السياق عدم إرادة نفي اختيارية العمل لعدم القصد لتحقق القول اختيارا بدون عمل ، بل الذي يظهر من الروايات بملاحظة موارد تطبيقها في النصوص كما ورد في باب الجهاد من أن المجاهد ان كان قد جاهد لله فالعمل له تعالى ، وان جاهد لطلب المال والدنيا فله ما نوى [2] - . وهو كونها ناظرة إلى بيان توقف ترتب الإثابة على نية كون العمل لله وان ظاهر نفس العمل لا يكفي في ترتب الأثر المرغوب ما لم يقصد من ورائه ذلك . فلا يعد العمل لله ما لم ينو الله ويقصد به التقرب إليه ، وان ما يحصله المرء هو ما نواه وقصد ، من خير أو شر . فلا ترتبط بالمرة بما نحن فيه من تعبدية الأوامر [3] . وبهذه النتيجة أورد المحقق النائيني على الاستدلال بهذه الروايات مهملا .
[1] وسائل الشيعة 1 / 33 . الباب 5 من مقدمة العبادات - الحديث 2 . [2] وسائل الشيعة 1 / 35 . الباب 5 من مقدمة العبادات - الحديث 10 . [3] كلانتري الشيخ أبو القاسم . مطارح الأنظار / 63 - الطبعة الأولى