من هذا اللَّفظ هو ذلك المعنى يجب العمل به مع أنه لم يحصل به إلا الظَّن و العقل لا يجد تفرقة بين أن يحصل الظنّ بأنّ المراد من هذا اللَّفظ كذا و أن هذا اللَّفظ موضوع لكذا فإذا جاز العمل بالظن في الأوّل جاز في الثاني بلا ريب و أيضا لا فرق بين أن يقول صاحب القاموس مثلا إن هذا اللَّفظ لهذا المعنى في اللَّغة أو يرد خبر بأنّه موضوع له في الشّرع فكيف لا يعمل بالأوّل دون الثاني انتهى و فيه نظر ثم إنّه على المختار فهل خبر الواحد في اللَّغات كخبر الواحد في الأحكام فكلَّما هو شرط في الثاني و يترتّب عليه من الأحكام فهو شرط في الأوّل و يترتّب عليه من غير فرق فكلَّما ذكره الأصوليّون في باب خبر الواحد يجري هنا أيضا فيه إشكال و التحقيق أنّ خبر اللغوي إن أفاد الظنّ كان حجّة سواء اجتمع فيه الشّرائط المذكورة في باب خبر الواحد أم لا لعموم ما دلّ على حجيّة الظنّ في اللَّغات المعتضد ببعض الوجوه المتقدّمة أو جميعها و إن لم يفد الظَّن فليس بحجة عملا بالأصل السّليم عن المعارض و الوجوه السّابقة أو تنهض لإثبات حجيّة هذا القسم كما لا يخفى < فهرس الموضوعات > مفتاح < / فهرس الموضوعات > مفتاح إذا اختلف النّاقلون لوضع اللَّفظ فقال بعضهم إنّه موضوع لذا قال آخر لذلك فلا يخلو إمّا أن يمكن الجمع بين النّقلين بالقول بتعدّد الوضع إمّا بالاشتراك أو بالنّقل أو لا فإن كان الأوّل فهل الواجب الجمع مما ذكر أو لا فيه إشكال ممّا ذكره الأصوليّون من أولويّة الجمع على الطَّرح و من أصالتي عدم الاشتراك و النّقل و إن كان الثاني فإن كان بينهما تباين كلي كأن يقول أحدهما الأمر حقيقة في الوجوب و الآخر أنّه حقيقة في الاستحباب أو التّهديد فلا بدّ من الرجوع إلى المرجّحات المورثة لقوة الظن ككثرة النّاقل و عدالته و كثرة تتبعه في كلام العرب و ممارسته لفنون الأدب و غلبة ضبطه و قلَّة خلطه بين الحقيقة و المجاز و قرب عهده من العرب العرباء و عربيّته و نحو ذلك و إن كان بينهما تباين جزئي أمّا بالعموم و الخصوص المطلق كما في لفظ الواو فإنّ كثيرا من اللَّغويين صرّحوا بأنّه للجمع المطلق و جمع آخر منهم صرحوا بأنه للجمع على وجه الترتيب و كما في لفظ الصّعيد فإنّ جمعا منهم ذكروا أنّه لمطلق وجه الأرض و آخرين أنّه لخصوص التّراب أو بالعموم و الخصوص من وجه كما في لفظ الغناء فإن بعضهم ذكر أنّه الصّوت المطرب و آخر أنّه ترجيح الصّوت ففيه احتمالات أحدها التوقّف بعد فقد المرجّحات و هو أسلم و لكنّي لم أجد صائرا إليه و ثانيها اختيار العام في العموم و الخصوص المطلق و اختيار أمر جامع بين النّقلين في العموم و الخصوص من وجه فيقال الصّعيد مطلق وجه الأرض و الغناء الصّوت الَّذي فيه ترجيع و طرب لأنّ مدّعى الخاصّ في الأوّل و أحد العمومين في الثاني ناف بالنّسبة إلى المدّعى الآخر و شهادة النفي غير مسموعة لأن مرجعها إلى عدم الوجدان و هو لا يدلّ على عدم الوجود و قد اختار هذا السيّد الأستاذ رحمه الله و قبله العلامة و فيه نظر للمنع من كونه التّعارض المفروض من تعارض المثبت و النّافي لأنّ كلَّا من النّاقلين يدعي شيئا خلاف ما يدعيه الآخر فإنّ القائل بأنّ الواو للجمع يدعي أنّه موضوع له بحيث لو استعمل في خلافه و لو في أفراده كان مجازا نعم يلزم منه نفي كونه للتّرتيب و القائل بأنّه للتّرتيب يدعي أنّه موضوع له بحيث لو استعمل في خلافه و لو في الجمع المطلق كان مجازا نعم يلزم منه نفي كونه للجمع فكلّ مثبت يلزمه نفي على أنه لا دليل على أنّ كلّ مثبت مقدّم على الثّاني فإن النّفي قد يكون أقوى من الإثبات أو يساويه كما لا يخفى فيه و ثالثها حمل العام على الخاص في الأوّل و تقييد كلّ من العمومين بالآخر في الثّاني فيقال الصّعيد التّراب و الغناء ترجيع الصّوت المطرب كما في تعارض الأخبار بناء على أنّهما من باب واحد لأنّ الأخبار كما يتضمّن حكاية قول من يعتبر قوله فكذا النّقل من أهل اللَّغة و لأنّ ما ذكر في وجه الجمع بين الأخبار من أنّ الجمع بين الدّليلين أولى من الطَّرح جار هنا فإذن يعتبر هنا جميع ما ذكروه في حمل المطلق على المقيّد و بناء العام على الخاصّ و فيه نظر لاتّفاق القوم على خلافه على الظاهر من سيرتهم مع إمكان الفرق بأنّ حمل المطلوب على المقيّد مثلا في الأخبار ليس إلَّا لأجل فرض صدور الخبر من المتعارضين عن المعصوم صلوات الله عليه و عدم جواز التّناقض في كلامه فلا بدّ من الجمع و هو أولى وجوهه و هذا غير جار في نحو المقام لعدم إمكان فرض صدور النقلين عن العرب مع جواز الخطاء على النّاقلين فإن قلت الأصل عدم الخطاء فلا بدّ من الجمع و أقرب وجوهه ما تقدّم قلت لا دليل على هذا الأصل و الاستناد إليه في بعض الموارد إنّما هو لأجل أنّ الظاهر ذلك و نمنع من أن المقام مثله بل ظاهر الحال في مثله خطاء أحد النقلين و أمّا ما ذكر من أنّ الجمع بين الدّليلين أولى فهو شيء لا دليل عليه بل هو طرح لهما كما صرّح به بعض المحقّقين فتأمل < فهرس الموضوعات > مفتاح اعلم أنّه إذا أورد خبر عن المعصوم عليه السلام دالّ على كون اللَّفظ موضوعا لمعنى < / فهرس الموضوعات > مفتاح اعلم أنّه إذا أورد خبر عن المعصوم عليه السلام دالّ على كون اللَّفظ موضوعا لمعنى فهو حجّة إذا أفاد الظنّ سواء اجتمع فيه الشّرائط الَّتي ذكروها في باب حجيّة أخبار الآحاد من العدالة و الإيمان أما أولا إذ لا فرق بينه و بين الأخبار عن أهل اللَّغة و لكنّي لم أجد من نصّ على ذلك و لكن قد تكرّر من الأصوليّين الاستدلال بأخبار الآحاد المرويّة عنه عليه السلام في إثبات دلالة الألفاظ و أوضاعها و ربّما يظهر من بعض المحقّقين التأمل في ذلك تمسّكا بأنّ الظنّ المستفاد