اختلفوا في جواز أن يعمل بظنه في المسألة التي اجتهد فيها على قولين الأول أنه لا يجوز كما لا يجوز للعامي وهو للفاضل المحقق الشيخ حسن في المعالم وربما يستفاد من جدي ووالدي العلامة رحمه الله الثاني إنه يجوز كما يجوز للمجتهد المطلق وهو لظاهر التهذيب والمبادي والقواعد والتحرير والذكرى والدروس والمقاصد العلية وشرح الألفية لوالد البهائي والزبدة وكشف اللثام الَّذي دل على حجية ظن المجتهد المطلق من الإجماع والعقل لا يجزي في ظن المتجزي فلا يمكن دعوى تساويهما في الحكم باعتبار الاشتراك في العلَّة وأمّا ما قاله في الوافية من أن البديهة يحكم بالمساواة بمعنى أن كلما دل على جواز اعتماد المجتهد المطلق على ظنه دل على الجواز في المتجزي أيضا وأن الفارق المشار إليه يحكم العقل بعدم صلاحيته للفرق فضعيف في الغاية كما صرّح به جدي قدس سره ومنها ما تمسّك به العلامة والشهيد والفاضل البهائي من رواية أبي خديجة المنجبر ضعف سندها بما ذكره في المسالك من اشتهارها بين الأصحاب واتفاقهم على العمل بمضمونها إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه والوجه في الاستدلال أن قوله عليه السّلام يعلم شيئا إلى آخره صريح في أن مجرّد العلم ببعض الأحكام كاف ومن الظاهر أنه لا يحصل إلا من طريق الاجتهاد وفيه نظر لوجوه الأول أن مورد الخبر المذكور هو الرجوع إلى من يعلم بشيء من القضايا وليس هو محل النزاع لأن النزاع فيمن يظن به لا فيمن يعلم وقد أشار إلى ما ذكر السيّد الخليفة والسيّد صدر الدين وجدي قدس سره الثاني إن الرّواية المذكورة على تقدير صحة سندها ووضوح دلالتها لا تصلح للحجيّة في المسألة لأن غاية ما يستفاد منها الظن بأن المتجزي يجب عليه العمل بما ادعى إليه اجتهاده ولا يجوز الاعتماد عليه لأنه لم يقم دليل قطعي على حجيّته ولم يجز إثبات حجيّة ظن بظن لم يقم من الشرع دليل على حجيته قطعا وقد أشار إلى هذا في المعالم فإنّه قال التعويل في ظن المجتهد المطلق إنما هو على دليل قطعي وهو إجماع الأمة عليه وقضاء الضرورة به وأقصى ما يتصور في موضع النزاع أن يحصل دليل ظني يدل على مساواة التجزي للاجتهاد المطلق واعتماد المتجزي عليه يفضي إلى الدّور لأنه تجز في مسألة التجزي وتعلَّق بالظن في العمل بالظن ورجوعه في ذلك إلى فتوى المجتهد المطلق وإن كان ممكنا لكنه خلاف المراد إذ الغرض إلحاقه ابتداء بالمجتهد المطلق وهذا إلحاق له بالمقلَّد بحسب الذّات وإن كان بالعرض إلحاقا له بالاجتهاد ومع ذلك فالحكم في نفسه مستبعد لاقتضائه ثبوت الواسطة بين أخذ الحكم بالاستنباط والرجوع فيه إلى التقليد وإن شئت قلت تركب التقليد والاجتهاد وهو غير معروف انتهى لا يقال الظن بحجية ظن المتجزي ظن قام الدّليل على اعتباره وهو أمران أحدهما أنه ظن في مسألة أصولية فيكون حجة كما أشار إليه صاحب الوافية فقال في مقام الإيراد على ما أشار إليه في المعالم قوله واعتماد المتجزي عليه يفضي إلى الدّور أيضا غير صحيح لأنه على تقدير جواز الاعتماد في الأصول على الظن لا يختص ذلك بالمجتهد فمن حصل له الظن من دليل أو أمارة بشيء من المطالب الأصولية يجوز له الاعتماد عليه على ذلك التقدير مجتهدا كان أو مقلَّدا انتهى وفي الزبدة وتوهم الدور باطل إذ الاجتهاد المختلف في تجزئته هو الاجتهاد في الفروع وثانيهما أن بقاء التكليف وعدم جواز التكليف بما لا يطاق الثابتين بالدليل القاطع يقتضيان حجية الظن المزبور كما أشار إليه في الوافية فقال وعلى تقدير عدم جواز الاعتماد على الظن في الأصول فهذه المسألة لا بد فيها من الاعتماد على الظن بناء على عدم تحقق دليل قطعي على جواز التجزي إذ عدم تحقق دليل قطعي دال على جواز التقليد لذلك الشخص أظهر فإن قلت يجوز أن يقلَّد في جواز التقليد قلت الأدلَّة الدالَّة على ذم التقليد مطلقا وفي الأصول خاصّة لكثرتها غير قابلة للتأويل فإذا كان صحة تقليده مبنيا على صحة التقليد في الأصول كاد يحصل القطع ببطلانه وعلى تقدير التسليم والقول بصحّة تقليده في الأصول فيجوز حينئذ له العمل بظنه في الفروع بعد اعتقاده الحاصل من التقليد في جواز اعتماده على ظنّه وقوله إنه خلاف الفرض ومستبعد للزوم الواسطة لا يخفى ما فيه فإنه على تقدير جواز التقليد في الأصول لا يتصور هاهنا مانع للعمل بظنه بعد تقليده في مسألة التجزي انتهى لأنا نقول الأمران المذكوران لا ينهضان لإثبات ذلك أما الأول فللمنع من أن الظن في المسألة الأصولية حجة مطلقا إذ لا دليل عليه ولا فرق بين الظن في المسألة الفقهية والظن في المسألة الأصوليّة في اشتراط الحكم بحجيّتهما بقيام الدليل القاطع عليهما وقد أشار إلى ما ذكر المحقق الجواد وجدي قدس سره قال الأول قالوا ثانيا لو صحّ التجزي لزم الدّور من حيث أن صحة اجتهاد المتجزي في مسألة فقهية كاستحباب التّسليم مثلا موقوف على صحّة اجتهاده في أن الاجتهاد يتجزى وصحّة اجتهاده في هذه المسألة موقوفة على صحة اجتهاده في تجزي الاجتهاد وفيه نظر فإنا نمنع كون صحة الاجتهاد في مسألة فقهية متوقفا على صحة اجتهاده في مسألة التجزي وإنما يتوقف على صحة نفسها على أن التوقف على صحة نفسها على أن التوقف فرع المغايرة وظاهر أن صحة اجتهاده في المسألة الفقهية هي عين صحة اجتهاده في تجزي الاجتهاد فلا تغاير وفيه نظر لا يقال تجزي اجتهاد