المعالم وأما دعوى أن المتبادر من لفظ الوفاء سبق العقد على زمن الخطاب الموجب له فممنوعة ولا دليل عليها وأما احتمال خروج العقد المشكوك في صحته عن العموم باعتبار علمه سبحانه بعدم قدرتهم على الوفاء به ففيه أن عدم القدرة إن كان بسبب عدم الإرادة فهو لا يؤثر في منع الحكم عما لم يتعلق به إرادتهم أصلا وإلا لما جاز التكليف وهو باطل فذلك لا يوجب تخصيص اللفظ وإن كان باعتبار وجود المانع الخارجي فهو مدفوع بالأصل وإن كان باعتبار عدم قدرتهم بالذات فهو أمر مستبعد في الغاية فالظاهر خلافه ومع هذا فذلك الاحتمال لا يوجب التخصيص الظاهر خلافه لأن الغالب إرادة الحقيقة دون المجاز فيجب المصير إلى العموم ومنه ينكشف كونهم قادرين بالذات كغيرهم من الغائبين وبالجملة يحصل من غلبة الاستعمال في الحقيقة الظن بإرادتها وهو مستلزم للظن بكونهم قادرين ومع هذا يندفع ذلك الاحتمال كما لا يخفى ثم إن في استدلال جمهور أصحابنا بالآية الشريفة على صحة جملة من العقود شهادة واضحة ببطلان ذلك الاحتمال وكذا في استدلالهم بإطلاقات الخطابات القرآنية الشفاهية في كثير من المسائل الفقهية شهادة بذلك وبالجملة المناقشة في الآية الشريفة بأمثال ذلك المناقشات واهية جدا وأما عن السابع فبأن المفهوم من الآية الشريفة لزوم الوفاء بمقتضى العقد مطلقا وإن كان باعتبار الدلالة الالتزامية فإن المفهوم من العمل بمقتضى القول العمل بما دل عليه مطلقا ولو بالالتزام والعقد قول ضرورة ومن الظاهر أن كثيرا من عقود المعاملات يدل بالالتزام على أشياء يصحّ تعلق الأمر بالوفاء بها لرفع السلطنة وعدم العذر ونحو ذلك وتخصيص العقود بما كان مضمونه الوعد بفعل في المستقبل خلاف الأصل ما فهمه جمهور الأصحاب ومع هذا فيمكن أن يقال إن أكثر عقود المعاملات يستلزم الوعد بفعل في المستقبل وذلك فيما إذا شرط في ضمنها الإتيان بفعل في المستقبل فإذن الآية تدل على صحتها وإذا صحت هذه العقود باعتبار ذلك الشرط صحت إذا تجردت عنه لعدم القائل بالفصل فتأمل وبالجملة التأمل في دلالة الآية الشريفة باعتبار المناقشة المذكورة بعيد عن الإنصاف لا يساعده العرف وفهم فحول الأصحاب لا يقال وجوب الوفاء بما يدل عليه بعض العقود التزاما كعقد البيع الدال على رفع السلطنة والامتناع من التصرف لا يقتضي حصول مضمونه وهو نقل الملك في البيع ألا ترى أن بيع المعاطاة لا يفيد الملك عند بعض مع اعترافه بحصول لوازم الملك لأنا نقول هذا خلاف الظاهر عرفا بل وشرعا نعم لو قيل إن الأمر بالوفاء للاستحباب ربما أمكن المناقشة المزبورة لكنه فاسد على ما يظهر من أكثر الأصحاب والمفسرين مع إمكان دعوى فسادها على التقدير المزبور أيضا وأما عن الثامن فبأن الظاهر عرفا أن الجمع باعتبار المعنى المجازي يعم جميع الأفراد التي تصلح لأن يستعمل فيها لا خصوص ما استعمل فيه اللفظ كما إذا كان اللفظ موضوعا له وذلك لأن الجمع في قوة تكرير المفرد ولا شك أن المراد منه المعنى الكلي فيجب أن يكون حقيقة شاملا لجميع أفراده ومع هذا يدفع المناقشة المذكورة استدلال كثير من الأصحاب بالآية الشريفة في كثير من أبواب المعاملات ولم أجد أحدا منهم ناقش في مقام بمثل المناقشة المذكورة على أنها لو تمت للزم سقوط التمسك بكثير من الإطلاقات والعمومات الشرعية كما لا يخفى هذا كله على تقدير كون لفظ العقد مجازا في الإيجاب والقبول وأما على تقدير كونه حقيقة شرعية في ذلك كما يستفاد من كنز العرفان فلا إشكال من جهة المناقشة المزبورة فتأمل < فهرس الموضوعات > وينبغي التنبيه على أمور < / فهرس الموضوعات > وينبغي التنبيه على أمور < فهرس الموضوعات > الأول [ القول في أن الوفاء والإيفاء بمعنى واحد ] < / فهرس الموضوعات > قال في زبدة البيان الوفاء والإيفاء القيام بمقتضى العقد والعهد وفي كنز العرفان يقال وفي عهده وأوفي بمعنى واحد وفي الوافي الإيفاء والوفاء بمعنى واحد وفي مجمع البيان يقال وفي بعهده وفاء وأوفي إيفاء بمعنى وأوفي لغة الحجاز وهي لغة القرآن وفي تفسير الرازي والكشاف يقال وفي بالعهد وأوفي به ومنه الموفون بعهدهم < فهرس الموضوعات > الثاني [ القول في معنى العقد ] < / فهرس الموضوعات > قال في زبدة البيان العقد العهد الموثق المشدد بين اثنين فكل عقد عهد دون العكس لعدم لزوم الشّد والاثنينية وفي الوافي العقد العهد الموثق وفي كنز العرفان المراد بالعقود ما يعقده الناس في معاملاتهم وفي مجمع البيان العقود جمع بمعنى المعقود وهو أوكد العقود والفرق بين العقد والعهد أن العقد فيه معنى الاشتياق والشدّ ولا يكون إلا بين متعاقدين والعهد قد ينفرد به الواحد فكل عقد عهد ولا يكون كل عهد عقدا وأصله عقد الشيء بغيره وهو وصله به كما يعقد الحبل ويقال عقدت العقد فهو معقود ومقيد وفي الكشاف العقد العهد الموثق شبه بعقد الحبل ونحوه قال الحطيئة قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا وفي تفسير الرازي العقد هو وصل الشيء على سبيل الاشتياق والإحكام والعهد إلزام والعقد التزام على سبيل الإحكام انتهى < فهرس الموضوعات > الثالث [ القول في أن الآية الشريفة هل تقتضي صحة المعاملة المنهي عنها أم لا ؟ ] < / فهرس الموضوعات > إذا حصل الشك في صحة المعاملة المشتملة على الإيجاب والقبول المنهي عنها شرعا فهل يجوز الحكم بصحتها نظرا إلى الآية الشريفة أو لا التحقيق أن يقال إن قلنا بأن النهي يقتضي الفساد في المعاملات عقلا فلا يجوز الحكم بذلك بل يجب تخصيص الآية الشريفة حينئذ وإن قلنا إنه يقتضي الفساد فيها شرعا فلا يجوز الحكم بذلك أيضا إن كان الدليل الشرعي الدال على اقتضائه الفساد أقوى