أكثر الأصوليين الأوّل كما أشار إليه الشهيد الثاني و لهم ما أشار من قوله تعالى إن جاءكم إلى آخره و العمومات المانعة عن العمل بغير العلم و يظهر من جماعة من الأصحاب منهم صاحب خبرة و جدي و والدي العلَّامة و غيرهم الثّاني بل ربما يمكن دعوى أنه المشهور بين الفقهاء من أصحابنا و لهم أصالة حجيّة كلّ ظن و قوله تعالى إن جاءكم إلى آخره بناء على كون التّبيّن أعم من العلم أو الظن و حصوله من اعتماد المعظم على الرواية و فيه نظر و هذا القول هو الأقرب عندي و إذا تضمّنت الرّواية مطلبين و عبارتين و اختص تمسّك الخصم بأحدهما فلم يكن ذلك دليلا على حجّية الآخر اللَّهم إلا أن يحصل الظَّنّ بصدق الرواية بتمامها فيجوز حينئذ الاعتماد عليهما معا على الأقرب < فهرس الموضوعات > التّاسع < / فهرس الموضوعات > التّاسع إذا أفتى المعظم بحكم و وجد رواية ضعيفة غير صالحة بنفسها للحجّية توافق فتواهم فهل يلزم موافقتهم حينئذ على القول بعدم حجيّة الشّهرة أو لا فيه إشكال من أن كلا منهما منفردا ليس بحجّة فكذلك في حال الاجتماع و من أن ما يحصل من المجموع المركب من الظن لا يحصل في حال الانفراد و قد صار والدي العلامة إلى الأوّل محتجا بأن أصالة حجية الظنّ اقتضت حجية الظنّ المستفاد من الشّهرة مطلقا و لو لم يوافقها رواية ضعيفة لكن خرج هذه الصّورة عن الأصل بشهرة القول بعدم حجيّة الشهرة و هي غير متحققة في محل البحث فيبقى مندرجا تحت الأصل و ما صار إليه هو الأقرب سواء ظهر عدم اطلاع المعظم على الرّواية المذكورة أو لا < فهرس الموضوعات > العاشر < / فهرس الموضوعات > العاشر قال في الذكرى ألحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه فإن أراد في الإجماع فهو ممنوع و إن أراد في الحجّية فقريب سواء كان اشتهارا في الرّواية بأن يكثر تدوينها أو ورودها بلفظ واحدا و ألفاظ متغايرة أو الفتوى فلو تعارضتا فالتّرجيح للفتوى إذا علم اطلاعهم على الرّواية لأنّ عدولهم عنها ليس إلا لوجود أقوى و كذا لو عارض الشهرة المستندة إلى حديث ضعيف حديث قوي فالظاهر ترجيح الشهرة لأن نسبة القول إلى الإمام عليه السلام قد تعلم و إن ضعف طريقه كما يعلم مذاهب الفرق الإسلامية بإخبار أهلها و إن لم يبلغوا التواتر و من ثم قبل الشيخ أبو جعفر رواية الموثقين مع فساد مذهبهم انتهى < فهرس الموضوعات > الحادي عشر < / فهرس الموضوعات > الحادي عشر اعلم أنه ذهب والدي العلَّامة دام ظلَّه إلى أن الخبر المرسل إذا وافق فتوى أكثر الفقهاء كان حجّة لأن ضعفه ينجبر بالشهرة و منع عن حجية الخبر المقطوع و هو المتضمن لنقل قول الصّحابي و التابعي أو فعلهما و إن وافق فتوى الأكثر و جعل وجه الفرق أن المرسل من حيث تضمّنه لنقل قول المعصوم عليه السلام الَّذي هو حجّة يصلح لأن ينجبر ضعفه الحاصل بالإرسال بالشهرة و لا كذلك المقطوع فإن غايته نقل قول الصحابي و التّابعي و هو ليس بحجّة بل هو كأحد أقوال العلماء و فتاويهم فلا يمكن دعوى الجبر بها كما لا يمكن دعوى جبر فتوى بعض العلماء بالموافقة لفتوى الباقين و بالجملة إن الفرق بين الجابر و المجبور مما لا بد منه و هو حاصل في الخبر المرسل الموافق للمشهور لأن المجبور هو الإسناد إلى المعصوم عليه السلام و الجابر هو الفتوى بما أسند إليه و هذا ليس بحاصل في المقطوع لأن الجابر و المجبور كلاهما من جنس الفتوى فيدلّ على تأثير هذا الفرق مصير بعض أصحابنا إلى حجيّة المرسل مطلقا و عدم مصير أحد منهم إلى حجيّة المقطوع و فيه نظر بل الظاهر عدم الفرق و ذلك لأنّ الشهرة إن كانت قرينة لصدق الصّدور و النّسبة إلى المعصوم في المرسل فهي قرينة لكون ما قاله الصّحابي عن المعصوم في المقطوع و إن كانت هي الحجّة و لكن اعتبر ضمّ المرسل إليها لئلا يشملها ما دلّ على عدم حجيّة الشّهرة و هو شهرة عدم حجيّتها لاختصاصها بالشّهرة المجرّدة فنقول هذا بعينه جار فيما إذا انضم إليها الخبر المقطوع في نفسه يفيد الظنّ بقول المعصوم عليه السلام إذ الظاهر من حال الصحابي أنه لا يقول في الأحكام الشّرعية إلا ما سمعه من المعصوم عليه السلام أ لا ترى أن صاحب السّلطان إذا قال شيئا يتعلَّق بأمر السّلطنة يحصل منه الظن بكونه من السّلطان و ليس ذلك إلا الظهور الصّحة في أن كل ما يقوله من صاحبه المتبع فإذا انضم إلى مثل هذه الشهرة الَّتي تفيد بنفسها الظَّنّ يتقوى الظن فيجب العمل به من غير معارض أقوى لأن الأصل في كلّ ظن قوي الحجّية و وجود المعارض الأقوى للجزءين منفردا لا يصح معارضته للمجموع المركب كما لا يخفى و لا كذلك الخبر المرسل المنضم إلى الشهرة لأنه مع قطع النظر لا يفيد الظن أصلا و أن المفيد له نفس الشهرة فيكون أضعف من الأول ثم إن دعوى كون ما يقوله الصحابي من غير استناد إلى المعصوم كفتوى العلماء الباحثين في الفقه لا يخلو عن إشكال بل الفرق بينهما ظاهر و يشهد به نقل المحدثين الخبر المقطوع دون فتوى العلماء و كذا الاعتماد عليه في بعض المسائل و عدم الاعتماد على الفتوى في شيء منها فتأمل < فهرس الموضوعات > الثّاني عشر < / فهرس الموضوعات > الثّاني عشر قال السّيّد الأستاذ رحمه الله الشّهرة ما في الرّواية أو في الفتوى و التّأييد يحصل بكلّ منها و ربما خصّه بعض المتأخرين بالأولى مدعيا ظهوره من قوله عليه السلام خذ بما اشتهر بين أصحابك و هو ضعيف جدّا فإن قوله عليه السلام ما اشتهر أعم مما اشتهر نقله أو اشتهر حكمه و لأن المدار في الترجيح على غلبة الظنّ في أحد الطَّرفين و لا ريب في حصولها في الحديث المفتى به و لأن الأمر بالأخذ بما هو مشهور ليس تعبّدا محضا بل لدلالة الشهرة على القبول فإذا تحقق القبول كان أحق بالاعتبار و لو تعارضت الشهرتان بأن كان أحد الحديثين مشهورا في النقل دون الفتوى و الآخر بالعكس فالظاهر ترجيح الثّانية لأنّ الظنّ فيها أقوى كما قلنا بل رجح في الذكرى الشهرة باعتبار الفتوى و إن خلت عن النّص ظاهرا إذا علم اطلاعهم على المعارض لأن عدولهم عنه ليس إلا لاستنادهم إلى ما هو أقوى منه قال و كذا لو عارضت الشهرة المستندة إلى حديث ضعيف حديث قوي لأن نسبة القول إلى الإمام عليه السلام قد تعلم و إن ضعف طريقه كما تعلم مذاهب الفرق بإخبار أهلها و إن لم يبلغ التواتر و من ثمّ قبل الشيخ أبو جعفر رواية الموثقين مع فساد مذهبهم قلت و من هنا يعلم أن ما دلّ على خلاف المشهور كلّ ما صحّ سنده و تعددت طرقه و اتضحت دلالته اشتدّ ضعفه إلا إذا علم عدم ظفرهم به أو غفلتهم عن دلالته أو عدولهم عنه بوجه ضعيف و لو شك في الاطلاع فوجهان من تعارض الأصل و الظاهر و للنظر في خصوصيات المواضع مجال واسع فلا تغفل