فينتفي بانتفائها و مثلها الفتوى و الإقرار كما أشار إليه المرتضى في معنى الأسباب أو الشروط الشرعية كزوال الشمس و طلوع الشمس و طلوع الفجر بالنسبة إلى الأحكام المتعلَّقة بها بخلاف محلّ النّزاع فإن المفروض فيه كون التّكليف منوطا به لا يقال الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب معلوم لا مظنون و ذلك بواسطة ضميمة مقدّمة خارجيّة و هي قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر و هو يريد خلافه من غير دلالة تصرف عن ذلك الظاهر سلَّمنا و لكن ظن مخصوص فهو من قبيل الشّهادة لا يعدل عنه إلى غيره إلا بدليل لأنا نقول أحكام الكتاب كلَّها من قبيل خطاب المشافهة و قد مرّ أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب و أن ثبوت حكمه في حق من تأخر إنما هو بالإجماع و قضاء الضرورة باشتراك التّكليف و حينئذ فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلَّهم على إرادة خلافها و قد وقع ذلك في مواضع علمناها بالإجماع و نحوه فيحتمل الاعتماد في تعريفنا بسائرها على الأمارات المفيدة للظن القوي و خبر الواحد من جملتها و مع قيام هذا الاحتمال ينتفي القطع بالحكم و يستوي حينئذ الظن المستفاد من ظاهر الكتاب و الحاصل من غيره بالنظر إلى إناطة التّكليف به لابتناء الفرق بينهما على كون الخطاب متوجها إلينا و قد تبيّن خلافه و لظهور اختصاص الإجماع و الضرورة الدّالَّين على المشاركة في التكليف المستفاد من ظاهر الكتاب بغير صورة وجود الخبر الجامع للشّرائط الآتية المفيدة للظنّ الرّاجح بأن التكليف بخلاف ذلك الظن الظاهر و مثله يقال في أصالة البراءة لمن التفت إليها بنحو ما ذكر أخيرا في ظاهر الكتاب انتهى و يظهر من سلطان المحققين رضاه بما قاله حيث إنه أشار إليه و لم يجب عنه و كذلك يظهر ذلك من جدي الصّالح المازندراني في الحاشية و من جمال الدّين الخوانساري حيث إنهما حققا ما ذكره مقتصرين عليه غير متعرّضين لردّه على ما ينبغي فقال الأوّل قوله و يستوي إلى آخره لما دفع بقوله فيحتمل ما ذكره المورد أولا من أن الظن المستفاد من ظاهر الكتاب معلوم لا مظنون دفع بهذا ما أورده ثانيا بعد التسليم من أن الظن المستفاد من ظاهره ظن مخصوص فهو من قبيل الشهادة لا يعدل عنه إلى غيره توضيح الدّفع أنه إذا ثبت جواز حمل الظاهر على خلافه عند معارضة الخبر إياه صار الظاهر ظنيا و ساوى غيره مما يفيد ظنا في إفادة الظن و في إناطة التكليف به و ليس المراد أنهما متساويان من جميع الوجوه فلا يرد أن هذا ينافي ما مر من الخبر أرجح منه و وجه مساواتهما في ذلك أمران أحدهما ابتناء الفرق و الحكم بأن الظن المستفاد من ظاهر الكتاب من قبيل الشهادة فلا يعدل عنه إلى غيره مما يفيد الظن على كون الخطاب متوجها إلينا إذ الصّارف حينئذ هو الخبر و قد منعت ذلك و لكن قد عرفت بحكم المقدمة الثانية أن الخطاب ليس بمتوجه إلينا بل إلى الموجودين في زمانه و يجوز أن يقترن به ما دل على إرادة خلافه قطعا و الخبر حينئذ معرّف لا صارف و ثانيهما أن الإجماع و الظاهر الدالين على مشاركتنا لهم في التكليف بظاهر الكتاب كما يقتضيه المقدمة الثالثة مختصان بظاهر غير معارض بالخبر الجامع للشرائط الآتية المفيدة للظن الراجح بأن التّكليف بخلاف الظنّ المستفاد من ظاهر الكتاب لأنه لا إجماع و لا ضرورة على تلك المشاركة عند المعارضة فينتفي القطع به و ينتفي كون الظن المستفاد منه من قبيل الشهادة أيضا فليتأمل قوله و مثله يقال في أصالة البراءة يعني لو التفت المورد إلى أصالة البراءة و أورد فيها مثل ما أورد في ظاهر الكتاب أخيرا و قال الظن المستفاد من أصالة البراءة ظن مخصوص وجب العمل به اتفاقا فهو من قبيل الظن الحاصل بشهادة الشاهدين فلا يعدل عنه إلى غيره أعني الظن الحاصل من خبر الواحد فلا يتم الدليل أجبنا عنه بمثل الجواب المذكور و قلنا الظن الحاصل من أصالة البراءة إنما وجب اتباعه اتفاقا إذا لم يعارضه خبر العدل المفيد بأن التكليف بخلاف ذلك الظن إذ حينئذ ينتفي الاتفاق فينتفي كونه من قبيل الشهادة انتهى و قال الثّاني بعد الإشارة إلى ما ذكره في المعالم فلا بد لنا من تحقيق الحال فيما ذكره من الجواب فنقول إن ما ذكره في جواب ذلك الإيراد في الظن الحاصل بظاهر الكتاب لا يخلو من تشويش و كأنه يحتمل وجهين أحدهما أنه بعد ما أبطل الإيراد الأول من لا يقال و هو كون الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب معلوما لما ذكره من الوجه بما ذكره من كون أحكام الكتاب كلها من قبيل خطاب المشافهة و أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب و أن ثبوت حكمه في من تأخّر إنما هو بالإجماع و قضاء الضرورة باشتراك التكليف بين الكل فيكون حاصل جوابه أن الإجماع و الظاهر إنما هما في الاشتراك بيننا و بينهم في ما علمنا كانوا مكلَّفين به لا في وجوب العمل بظواهر القرآن و حينئذ نقول إنا لا نعلم كونهم مكلَّفين بظواهر القرآن في الجميع حتى يعلم بضميمة الإجماع و الضرورة كوننا أيضا مكلفين بها بل المعلوم كونهم مكلفين بها فيما لم يقترن به قرينة صارفة عنه و أما فيما اقترن بها فكانوا مكلفين بمقتضى القرينة لا بالظاهر و قد علمنا ذلك في مواضع الإجماع و نحوه و على هذا ففي ما لم نجد قرينة أيضا لا علم لنا بكونهم مكلفين فيه بالظاهر لاحتمال أن يكون لهم قرينة صارفة عنه و لم يصل تلك القرينة إلينا فغاية الأمر أنه لما لم يظهر لنا تلك القرينة أن يحصل لنا ظن بعدمها و بكونهم مكلَّفين فيه بالظاهر و هذا ليس إلا مجرّد ظن و لم يقم على اعتبار خصوصه دليل قطعي حتى يقال أنه ظن مخصوص لا يلزم