باقيا و الشّرع ثابت لحكمه لو لم يكن شرع في وجوب الرّجوع إلى أحكام العقول من تحسين أو تقبيح أو إيجاب أو إباحة فلعدم الفرق بين الموضعين و في النهاية في بحث خبر الواحد في مقام الاحتجاج على حجيته الرابع عشر إذا وقعت واقعة و لم يجد المفتي سوى خبر الواحد فلو لم يحكم به لتعطلت الواقعة عن حكم الشرع و ذلك ممتنع اعترض بإمكان الخلو مع عدم دليل الحكم و لهذا فإنه لو لم يظفر المفتي في الواقعة بدليل و لا خبر الواحد فإنه لا يمتنع خلوّ الواقعة عن الحكم الشرعي و الرجوع إلى البراءة الأصلية و على هذا فامتناع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي عند الظفر بخبر الواحد يتوقف على كون خبر الواحد حجة و دليلا و كونه حجة يتوقف على امتناع خلو الواقعة مع وجوده عن الحكم الشرعي و هو دور ممتنع كيف و إنا لا نسلَّم خلو الواقعة عن الحكم الشرعي فإن حكم اللَّه تعالى عند عدم أدلة إثبات الحكم الشرعي نفي ذلك الحكم و مدركه شرعي فإن انتفاء مدرك الشرع بعد ورود الشرع مدرك شرعي لنفي الحكم و فيه نظر فإن المعتزلة منعوا من خلو واقعة ما عن الحكم الشرعي فلا يكون ثبوته متوقفا على الدليل فلا دور و جعل حكم اللَّه تعالى عند عدم أدلة إثبات الحكم الشرعي نفي ذلك الحكم و أن مدركه شرعي يشتمل على التناقض بل الوجه أن يقال إن كل واقعة فيها حكم شرعي من جملته الإباحة و له مدرك شرعي من جملته البراءة الأصلية و قال فيه في بحث القياس في مقام ذكر الحجج على حجيته السابع عشر كل حادثة لا بد فيها من حكم و لا بد أن يكون إليه طريق و كثير من الحوادث لا نص فيها و لا إجماع و ليس بعدها إلا القياس و لو لم يكن حجة خلت أكثر الوقائع من أن يكون إلى حكمها طريق و الاعتراض لا نسلَّم الخلو على تقدير عدم القول بالقياس لاشتمال النصوص على جميع الحوادث إما شمولا ظاهرا و خفيا و لا يبعد ذلك و إن كثرت الحوادث إذا كانت عامة لقوله صلى الله عليه و آله فيما سقت السماء العشر فإنه شامل لجميع ما سقت السّماء و إن كثر عدده و أيضا إن أراد المستدل أنه لا بد في كلّ حادثة من حكم أي من قضية إما نفيا أو إثباتا فصحيح لكن لا يلزم أن يكون طريق ذلك الشرع بل قد يجوز أن يكون الطريق شرعيّا و عقليا و إن أراد بالحكم حكما شرعيا منعناه لجواز خلق كثير من الحوادث عنه ثم قال في مقام إبطال حجته الخامس سلمنا جواز التعبد بالقياس لكن ثبوت التعبد به موقوف على ثبوت الحاجة إليه و تناول النصوص الخاصّة و العامة و الأدلة العقلية للحوادث كلها يرفع الحاجة إليه فإذا لسنا نتعبد به الاعتراض بمنع تناول النصوص جميع الحوادث و فيه نظر لأن النصوص و الأدلَّة العقلية من أصالة البراءة و الاستصحاب و غيرها وافية بجميع الأحكام و في الإحكام في البحث المذكور أما الحجة المعنوية فهي أن النّص و الإجماع مما يقل الحوادث و يندر فلو لم يكن القياس حجة أفضى ذلك إلى خلو أكثر الوقائع عن الأحكام الشرعية و هو خلاف المقصود من بعثة الرّسل عليه السلام و هو ممتنع و هي ضعيفة و ذلك لأن الوقائع التي خلت عن النّصوص و الإجماع إنما يلزم خلوّها عن الأحكام الشرعية إن لم يكن نفي الحكم الشرعي بعد ورود الشرع حكما شرعيا و أما إذا كان حكما شرعيا فكان مدركه شرعيا و هو استصحاب الحال و انتفاء المدارك الشرعية للقضية للأحكام الإثباتية فلا و إن سلمنا أن انتفاء الحكم عند انتفاء النص و الإجماع ليس حكما شرعيا لكن إنما يمتنع ذلك لو كنا مكلَّفين بإثبات الأحكام الشرعيّة في كل قضية و هو غير مسلم و ذلك لأن الشارع كما يؤدي إثبات الأحكام في بعض الوقائع فقد يؤدي نفيها في بعض أخر على حسب اختلاف المصالح يلزم على ما ذكروه أن يكون المصالح المرسلة الخلية عن الاعتبار حججا في الشريعة و هو محال و ذلك لأنه ليس كل واقعة يمكن وجود النص أو الإجماع أو القياس فيها فلو لم تكن المصلحة المرسلة حجة اقتضى ذلك إلى خلو أكثر الوقائع عن الأحكام الشرعية لعدم وجود النص و الإجماع و القياس فيها و العذر إذ ذاك يكون مشتركا و قال في بحث خبر الواحد في مقام ذكر حجج حجيته احتجوا بأنه إذا وقعت واقعة و لم يجد المفتي سوى خبر الواحد فلو لم يحكم به لتعطلت الواقعة عن حكم الشرع و ذلك ممتنع و لقائل أن يقول خلو الواقعة عن الحكم الشرعي إنما يمنع مع وجود دليله أما مع عدم الدليل فلا و لهذا فإنه لو لم يظفر المفتي في الواقعة بدليل و لا خبر الآحاد فإنه لا يمتنع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي و المصير إلى البراءة الأصلية و على هذا فامتناع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي عند الظفر بخبر الواحد يتوقف على كون خبر الواحد حجة و دليلا و كونه حجة و دليلا يتوقف على امتناع خلو الواقعة مع وجوده عن الحكم الشرعي و هو دور ممتنع كيف و إنا لا نسلَّم خلو الواقعة عن الحكم الشرعي فإن حكم الله تعالى في حق المكلَّف عند عدم الدلالة المقتضية لإثبات الحكم نفي ذلك الحكم و مدركه شرعي فإن انتفاء مدرك الشرع بعد ورود الشرع مدرك شرعي لنفي الحكم و قال في المختصر في المقام المزبور قالوا لو لم يجب لخلت وقائع و ردّ بمنع الثانية سلمنا لكن الحكم النفي و هو مدرك شرعي بعد الشرع و في شرح المختصر للعضدي قالوا ثانيا لو لم يجب العمل بخبر الواحد لخلت وقائع كثيرة عن الحكم و هو ممتنع من جهتين أمّا الأولى فلأن القرآن و المتواتر لا يفيان بالأحكام بالاستقراء التام المفيد للقطع و أمّا الثانية فظاهرة الجواب بمنع الثانية و هو امتناع خلو وقائع عن الحكم عقلا سلمناه لكن نمنع الملازمة لأن الحكم فيما لا دليل فيه نفي الحكم و نفي الدليل دليل على نفي الحكم لما ورد الشرع أن ما لا دليل فيه لا حكم فيه فكان عدم الدليل لعدم الحكم مدركا شرعا و لم يلزم إثبات حاكم غير الشرع و في حاشية جمال الدين عليه قال الشارح أمّا الثانية فظاهرة لأنه يفضي إلى خلاف مقصود البعثة كذا في الورود أو لأنه لا بد لنا من العمل فإذا لم يمكن الحكم في كثير من الوقائع فلا يمكن لنا العمل بشيء