ممتنعا امتنع التكليف به إيجادا و إعداما و في الإحكام اختلفوا في الملجئ إلى الفعل بالإكراه بحيث لا يسعه تركه في جواز تكليفه بذلك الفعل إيجادا و إعداما و الحق أنه إذا خرج بالإكراه إلى حد الاضطرار و نسبة ما يصدر عنه من الفعل إليه كنسبة حركة المرتعش إليه إن تكليفه به إيجادا و عدما غير جائز إلا على القول بتكليف ما لا يطاق و إن كان ذلك جائزا عقلا لكنه ممتنع الوقوع سمعا انتهى و هذا القول ضعيف جدا بل المعتمد هو الذي عليه أصحابنا من عدم الجواز و لهم وجهان أحدهما ما أشير إليه في جملة من الكتب ففي التهذيب تكليف المكره قبيح لأنه غير قادر و في النهاية قد اختلف في المكره على الفعل هل يصح تكليفه الحق أن نقول إن بلغ الإكراه إلى حد الإلجاء صار نسبة ما يصدر منه كنسبة الحجر في هبوطه إليه لم يجز التكليف به و إلا جاز لنا أن الفعل بالنسبة إليه حينئذ يكون واجبا كوجوب هبوط الحجر عند رميه و الواجب غير مقدور فيكون تكليفا بما لا يطاق فكذا عدمه يكون ممتنعا فيكون التكليف به تكليفا بما لا يطاق و هو قبيح عقلا على ما سلف و في المنية بعد ما نقلنا عنه سابقا لعدم قدرته على أحد الطرفين فتكليفه بأحدهما تكليف بما لا يطاق و في شرح المبادي بعد ذلك أيضا لأن المكره عليه يصير واجب الوقوع و التكليف بالواجب و الممتنع محال و في المعراج اعلم أن المكلف لو كان مكرها على فعله أو تركه لكان ذلك الإكراه إما أن يبلغ إلى درجة الاضطرار أو لا يبلغ فإن بلغ إلى درجة الاضطرار بحيث لا يكون له اختيار أصلا لكان مانعا عن التكليف به لأن الفعل حينئذ أما واجب الصدور من المكلف أو ممتنع الصدور عنه و الواجب و الممتنع غير مقدور و إذا لم يكن مكلفا به لامتناع التكليف بما ليس بمقدور و ثانيهما ما تمسك به في النهاية و المنية و الأحكام من النبوي المرسل المشهور رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه قالوا المراد رفع المؤاخذة لامتناع حمل اللفظ على حقيقته فتعين حمله على أقرب مجازاتها و هو عدم المؤاخذة على الشيء يستلزم لرفع التكليف به و زاد في المنية فقال و هذا إنما يدل على عدم التكليف لا على قبحه و عدم صحته انتهى و اعلم أنه قال في النهاية بعد الإشارة إلى الحجتين المشار إليهما قيل عليه الإكراه لا ينافي التكليف لأن الفعل إن توقف على الدواعي لزم الجبر لوجوب انتهاء الدواعي إلى داعية يخلقها الله تعالى و عندها تجب و بدونها يمتنع و إلا كان رجحان الفعل على الترك أو بالعكس اتفاقيا فلا يتوقف على اختيار المكلف فجاز مثله في الإكراه لا يقال إن عنيت بالاتفاقي حصوله لا بقدرة القادر فهو ممنوع لأنه حصل بالقدرة لكن للقادر الترجيح من غير مرجح و إن عنيت به شيئا آخر فبينه لأنا نقول لما حصلت القدرة مع عدم الفعل ثم وجد فإن لم يحدث أمر غير كونه قادرا دون ما قبله و ما بعده ليس لأمر حصل من القادر حتى يؤمر به أو ينهى عنه بل كان اتفاقيا فيكون التكليف حينئذ تكليف الغير المقدور و إن حدث أمر كان حدوث الفعل عن القادر متوقفا على أمر آخر وراه و قد فرضناه أنه ليس كذلك هذا خلف و الجواب ما تقدم مرارا من أن الجبر غير لازم على تقدير استناد الفعل إلى الداعي و إن كان الفعل واجبا لأن وجوبه لاحق لا يؤثر في القدرة السابقة و الاتفاقي إن عني به ما يصدر لا عن مؤثر فهو ممنوع و إن عني به ما يتساوى طرفاه مع صدوره عن القدرة فاستحالته ممنوعة انتهى و إن لم يبلغ الإكراه حد الإلجاء فلا إشكال في جواز التكليف حينئذ حيث لا يستلزم العسر و الحرج و قد صرح بالجواز حينئذ في المبادي و النهاية و المنية و الإحكام و المعراج و قد ادعى في شرح المبادي عليه الإجماع فإنه قال إن لم يبلغ الإكراه حد الإلجاء جاز تكليفه به إجماعا انتهى و احتج عليه في المنية ببقاء القدرة المصححة له و لا يخفى أن المكره إنما لا يصح تكليفه بعد تحقق الإكراه و أما قبله فيجوز تكليفه و إن عرض له الإكراه فإن الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار و منها عدم جواز تكليف الغافل و قد صرح به في التهذيب و النهاية و المبادي و الأحكام و منها عدم جواز تكليف السكران و قد أشار إلى ذلك في النهاية و التهذيب و المنية و الإحكام و المختصر و شرحه و منها عدم جواز تكليف المعنى عليه و النائم لا يقال من وجب عليه الصوم إذا صام جاز له النوم في أثناء الصوم فتحقق التكليف في حالة النوم لأنا نقول النائم إنما كلف بالصوم قبل النوم و إنما لا يجوز تكليف النائم حين نومه لا مطلقا فتأمل < فهرس الموضوعات > الرابع < / فهرس الموضوعات > الرابع هل العمومات المتضمنة للتكاليف نحو قوله تعالى أقيموا الصلاة و قوله تعالى و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا شاملة لفاقد الشروط المذكورة أو بعضها لغة و لكن يخرج منها بالمخصص العقلي أو السمعي أو ليست بشاملة له لغة فهي موضوعة لجامع الشرائط فلا حاجة إلى التخصيص احتمالان و لكن الاحتمال الثاني بالنسبة إلى غير شرط البلوغ لا يخلو عن قوة < فهرس الموضوعات > الخامس < / فهرس الموضوعات > الخامس لا يلزم في الأحكام الوضعية اعتبار الشروط المتقدمة من حيث هي كما يظهر من الذريعة و العدة و النهاية و التهذيب و المنية و الإحكام و المختصر و شرحه و وجه ذلك واضح عقلا و مع ذلك فقد وقع الحكم الوضعي في الشريعة مع فقد الشروط المذكورة و إذا اتفق توقف بعض الأحكام الوضعية عليها أو على بعضها فإنما هو لدليل و على وجه التعبد < فهرس الموضوعات > مفتاح < / فهرس الموضوعات > مفتاح إذا حصل الشك في فساد عبادة باعتبار الإخلال بأمر فيها أو باعتبار زيادته فيها كما إذا حصل الشك في فساد الصلاة