بحضرة النّبي صلَّى اللَّه عليه و آله و لم ينكر عليه مع علمه بذلك فهل يكون ذلك تخصيصا للعام فيصح أن يعد التقرير من جملة المخصصات أو لا صرح بالأول في النهاية و التهذيب و المنية و الإحكام و المختصر و شرحه و المعراج بل حكي في جملة من الكتب عن الأكثر ففي النهاية إذا فعل الواحد من أمته صلَّى اللَّه عليه و آله فعلا بحضرته صلى الله عليه و آله بخلاف مقتضى العموم و لم ينكر عليه مع علمه به فهو مخصّص لذلك العام في حق ذلك الفاعل عند الأكثر خلافا لشذوذ في الأحكام تقرير النّبي صلَّى اللَّه عليه و آله لما يفعله الواحد من أمته صلى الله عليه و آله بين يديه مخالفا للعام و عدم إنكاره عليه مع علمه به و عدم الغفلة و الذّهول عنه مخصّص لذلك عند الأكثرين خلافا لطائفة شاذة و في المختصر و شرحه ذهب الجمهور إلى أن الرسول صلَّى اللَّه عليه و آله إذا علم بفعل للمكلَّف مخالف للعام فلم ينكره كان مخصّصا للفاعل انتهى و لهم ما تمسّك به في النهاية و المنية و الأحكام فقالوا إذ لو لا ذلك لكان إما مرتكبا منكرا أو كان حكم العام منسوخا مطلقا أو عن ذلك المكلَّف و الكل باطل أما الأول فلاستلزامه إخلاله عليه السلام بإنكار المنكر مع علمه به و أما الثاني و الثالث فلأصالة عدم النسخ و رجحان التخصيص عليه عند التعارض و في شرح المختصر لنا أن سكوته دليل جواز الفعل إذ علم من عادته أنه لو لم يكن جائزا لما سكت عن إنكاره و إذا ثبت أنه دليل الجواز وجب التخصيص به جمعا بين الدليلين كغيره انتهى لا يقال الإنكار إنما يجب و يلزم مع عدم الدّليل على المنع من الفعل و أما معه كما في محلّ البحث إذ لا إشكال في أن العموم من جملة الأدلة فلأنا نقول يلزم ذلك و لو مع وجود العموم إذ قد لا يطلع الفاعل عليه سلمنا الاطلاع عليه و لكن لا يكون ذلك عذرا في إسقاط النهي عن المنكر بل قد لا يكون عذرا في عدم التنبيه على الحكم فتأمل و التحقيق أن يقال إن حصل من عدم إنكاره العلم بثبوت الجواز للفاعل فلا إشكال في لزوم الحكم بالتخصيص لأنه أولى من النسخ و لا فرق في العلم بين العقلي و العادي و إن لم يحصل العلم فإن حصل الظن منه بذلك و كان أقوى من الظن الحاصل من العام فكما سبق و إلا فينبغي التوقف أو ترجيح العام فتأمل و هل يجب الاقتصار في الحكم بالخروج على ذلك الفاعل فلا يتعدى إلى غيره أو لا التحقيق أن يقال إن لم يقم دليل لا من عموم و لا من خصوص و لا من قطعي و لا من ظني على اشتراك الغير معه في ذلك الحكم فيجب الاقتصار إذ لا ريب أن مقتضى الأصل و القاعدة عدم الاشتراك و إن دل الدليل القاطع على الاشتراك في الحكم المذكور فلا إشكال في لزوم الحكم به و ارتكاب زيادة التخصيص في العام المفروض و إن لم يصح التأويل بالتخصيص حينئذ و أمكن النسخ لزم ارتكابه و إن دل العموم المعتبر على أصالة الاشتراك فيقع التعارض بين هذا العموم و العموم الدّال على ثبوت الحكم لجميع الأفراد عدا الفاعل فإن كان أحدهما أعم من الآخر لزم تخصيص العام و تقديم الخاص و إن كان بينهما عموم و خصوص من وجه لزم الرجوع إلى المرجحات ثم إنه إن كان الحكم بالاشتراك مستلزما لإخراج جميع أفراد العام الذي خرج منه بعض الإفراد فلا إشكال في تخصيص العمومات الدالة على أصالة الاشتراك في صورة كون ذلك العام قطعي السند و بالجملة يلزم في هذه المسألة التفصيل بما يقتضيه القواعد و الأصول و قد تعرض لها جماعة ففي المنية ثم إن ثبت أن حكمه عليه السّلام على الواحد حكمه على الجميع كان ذلك التقرير تخصيصا للجميع و هو في الحقيقة نسخ لا تخصيص و الأولى أن يقال يقتصر على خروج ذلك المكلَّف عن العموم دون النافين لأنه إن لم يثبت أن حكمه عليه السّلام على الواحد حكمه على الجميع فظاهر و إن ثبت كان ذلك عاما و العمل به مطلقا يوجب إلغاء العام المفروض بالكلية و هو غير جائز مع إمكان الجمع بينهما مع أولوية التخصيص على النسخ هذا إذا كان الفعل متراخيا عن العام أما إذا كان مقارنا أو متأخرا بزمان لا يمكن إيقاع الفعل فيه فإن قلنا باستحالة نسخ الشيء قبل وقت فعله تعين اختصاص المكلف الفاعل بالخروج عن حكم العام قطعا و إلا فعلى ما مضى من القول و في النهاية فإن غفل معنا وجب تخصيص ذلك الواحد عن ذلك العموم كان كل يشارك في ذلك المعنى مخصوصا أيضا مطلقا عند القائلين بالقياس و عندي إذا كانت العلة منصوصة أو إن ثبت أن حكمه عليه السّلام في الواحد حكمه في الكل كان غيره مخصوصا و إلا فلا و على تقدير مشاركة الغير لا يكون تخصيصا في الحقيقة بل يكون نسخا لا يقال التقرير لا صيغة له فلا يقع في مقابلة ما له صيغة فلا يكون مخصصا للعموم و لو كان مخصصا فيجب أن يكون غير ذلك الواحد مشاركا له في حكمه و إلا لوجب تصريحه عليه السلام حكمي على الواحد حكمي على الجماعة لأنا نقول التقرير و إن لم يكن له صيغة إلا أنه حجّة قاطعة في جواز الفعل دفعا لمحذور تطرق الخطاء على النبي صلَّى اللَّه عليه و آله بخلاف العام فإنه ظني يقبل التخصيص و أيضا ينتقض بالفعل لأنه ليس له صيغة قوله صلَّى اللَّه عليه و آله حكمي على الواحد إلى آخره نمنع عمومه و التلبيس مندفع فإن الأصل عدم المشاركة و لو شاركه الأمة لم يكن مخصصا بل نسخا على ما تقدم و قد أشار إلى جميع ما ذكر في الإحكام و في شرح المختصر فلو تبيّن معنى هو العلة لتقريره حمل عليه من يوافقه في ذلك إما بالقياس و أما بقوله عليه السّلام حكمي إلى آخره و إذا ثبت أنه دليل الجواز وجب التخصيص به جمعا بين الدليلين كغيره هذا إذا تبيّن معنى هو العلَّة و أما إذا لم يتبيّن بالمختار أنه لا يتعدى إلى غيره لتعذر دليله أما القياس فظاهر و أما حكمي إلى آخره فلتخصيصه