و المنية و المعراج فقالوا إنه معارض بإبهام النسخ في الأمر للبداء فإنه لما لم يمنع من تطرق النسخ إليه فكذلك الخبر الثاني ما ذكره في النهاية فقال الجواب إبهام الكذب إنما يلزم أن اتحد المدلولان أما مع التغاير فلا و التغاير هنا ثابت لأن قوله لأعذبن الزاني و إن دل بظاهره على التأبيد إلا أن قرينة النسخ دلت على أن المراد بذلك مدة معينة كالأمر و النهي فإن الدّليل بهما إذا كان مؤبّدا ثم نسخه لم يلزم البداء لا يقال إنما يلزم دلالة النهي على أن الأمر لا يتناوله النهي لأنا نقول الدليل الناسخ دلّ على أن الخبر المنسوخ لم يتناوله الدليل الناسخ و إذا تغاير المطلقان ارتفع الكذب كما ارتفع البداء في الأمر و النهي انتهى و في التهذيب الكذب غير لازم و في الإحكام إن ذلك إنما يفضي إلى الكذب إن لم يكن حمل الناسخ على غير ما أريد من الخبر و في المعراج و الحق أن إبهام الكذب و البداء يندفع بواسطة الناسخ و ثانيهما أنه لو جاز ذلك لجاز أن يقول أهلك الله عادا و لم يهلكهم و من الظاهر بطلان التالي و أجاب عنه في النهاية و المنية و الإحكام فقالوا الجواب أن إهلاك عاد غير شكر لاستحالة التعدد في إهلاكهم فقوله أهلك اللَّه عادا إنما يتناول المرة الواحدة فقوله بعد ذلك ما أهلكهم يرفع تلك المرة فيكون كذبا فزاد في الأولين فقالا أما لو قال المراد إهلاك بعض عاد جاز لكنه لا يكون نسخا بل تخصيصه لا أنه تخصيص بالأشخاص لا بالأزمان و منها ما يمكن حمله على ظاهره من الإخبار فيكون إخبارا عن حكم شرعي وضعي كما في قوله عليه السلام لا صلاة إلا بطهور و قوله البيعان بالخيار إلى آخره و قوله المؤمنون عند شروطهم و نحو ذلك و هذا القسم أيضا لا إشكال و لا شبهة في جواز نسخه كما يستفاد من الذريعة و الغنية و المعراج و النهاية و التهذيب و شرحه و المنية و الإحكام و المعارج و ربّما يظهر من جملة من العبارات وجود الخلاف هنا أيضا و منها ما يمكن حمله على ظاهره من الإخبار و لا يكون إخبارا عن حكم شرعي مطلقا بل عن غيره و لا يمكن تغيره و تبدله كما في قوله الواحد نصف الاثنين و الكل أعظم من الجزء و نحو ذلك و هذا القسم لا إشكال و لا شبهة في عدم جواز نسخه كما نبّه عليه في الذريعة و التهذيب و المنية و المختصر و شرحه و قد ادعى عليه الاتفاق في الإحكام و شرح المختصر و في المنية و إن كان مما يمتنع تغيره مثل قولنا العالم حادث لم يجز و هو الأصح عندنا و عند المعتزلة لأنه يكون كذبا و اللَّه تعالى منزه عنه و منها ما يمكن حمله على ظاهره من الإخبار و لا يكون إخبارا عن حكم شرعي مطلقا بل عن غيره و يمكن تغيّره و قد اختلفوا في جواز نسخه على أقوال و لا فائدة مهمة في هذا البحث < فهرس الموضوعات > السّادس < / فهرس الموضوعات > السّادس قال في النهاية قال قاضي القضاة يبعد أن ينفي وجوب الفعل و يحرم العزم على أدائه إلا أن يجوز كون العزم عليه مفسدة و يستحيل أن يحرم عليه إرادة المقارنة له لأنه لا يكون الفعل واقعا على ما أمرنا به أن يوقعه عليه إلا مع مقارنتها < فهرس الموضوعات > مفتاح < / فهرس الموضوعات > مفتاح إذا حكم الشارع بتوقيف عبادة على أمر إما يجعله جزءا لها كما في الركوع بالنسبة إلى الصّلاة أو يجعله شرطا لها كما في الوضوء و تطهير الثوب بالنسبة إليها أيضا ثم أسقط باعتبار أمر عارض و عذر من قبل المكلَّف هذا التوقف و حكم بجواز ترك ذلك فعدم التوقف عليه و عدم لا بدّيته في جميع الحالات و الأوقات فلا إشكال في أن هذا النقص من العبادة نسخ ذلك المنقوص الذي كانت العبادة متوقفة عليها جزءا كان أو شرطا كما صرّح به في المعارج و التهذيب و المبادي و شرحه و قد صرّح بدعوى الاتفاق عليه في جملة من الكتب ففي الذريعة اعلم أنه لا خلاف في أن النقصان من العبادة يقتضي نسخ ما أسقط لأنه كان واجبا في جملة العبادة و في النهاية اتفق الناس كافة على أن النقصان من العبادة نسخ لما أسقط و في شرح المختصر أما النقصان عنها و هو أن ينقص جزء أو شرط مثل أن يسقط من الظهر ركعتان أو يبطل اشتراط فيه فهو نسخ للجزء أو الشرط اتفاقا و هل يكون ذلك نسخا لأصل تلك العبادة أيضا أو لا اختلفوا فيه على أقوال الأول أن ذلك ليس نسخا لها و لا تصير منسوخة به مطلقا و لو كان المنقوص جزءا ركينا و هو للمعارج و النهاية و المبادي و شرحه و المختصر و الإحكام و حكاه في جملة من الكتب عن بعض ففي النهاية و المنية و الإحكام اختلفوا في أن نسخ ما يتوقف عليه صحة العبادة هل يكون نسخا لتلك العبادة أم لا فذهب الكرخي و أبو الحسين البصري إلى أن ذلك لا يكون نسخا لتلك العبادة سواء كان المنسوخ جزءا من تلك العبادة كالركعة من صلاة الظهر مثلا أو شرطا خارجا عن المفهوم الثاني أن ذلك نسخ لتلك العبادة مطلقا و لو كان المنقوص شرطا لها و هو للمحكي في النهاية و المنية عن قوم من المتكلمين و صرّح في الثّاني نسبته إلى الغزالي و في الأول كما في الإحكام إليه ميل الغزالي و في العدة في كلام الشافعي ما يدلّ على ذلك الثالث ما أشار إليه في النهاية و شرح المبادي و الإحكام و شرح المختصر فقالوا و منهم من فصّل و وجب نسخ العبادة بنسخ جزئها دون شرطها و هو قول القاضي عبد الجبار انتهى و ربما يستفاد من العدّة أيضا الرابع ما صار إليه في الذريعة فقال بعد ما حكينا سابقا و إنما الكلام في أنه هل يقتضي ذلك نسخ المنقوص منه فذهب قولهم إلى أنه يقتضي نسخ المنقوض منها و ذهب آخرون إلى أنه لا يقتضي ذلك و الواجب أن يعتبر هذا النقصان فإن كان ما بقي بعده من العبادة من فعل لم يكن له حكم في الشريعة و لم يجر مجرى فعله قبل النقصان فهذا النقصان نسخ له كما قلناه في زيادة ركعتين على ركعتين على جهة الاتصال لأن العلة في الموضعين واحدة و إن لم يكن الأمر على ذلك فالنقصان ليس بنسخ لتلك العبادة و مثاله أن ينقص من الحد عشرون فإن ذلك لا يكون نسخا في الحد عشرون فإن ذلك لا يكون نسخا في الحدّ انتهى و قد صرّح بما ذكره من التفصيل في الغنية فيكون موافقا كما يظهر من التهذيب فإنه استجود من المفصّل المذكور للقول الأوّل ما تمسّك به في النهاية و المبادي و شرحه فقالوا لأن المقتضى للكل متناول للجزءين معا فخروج أحدهما لا يقتضي نسخ الآخر كسائر أدلَّة التخصيص