صرح الشيخ في العدّة و المحقق في المعارج و العلامة في النهاية و التهذيب و الشهيد الثاني و الفاضل البهائي في الزبدة و صاحب المعالم و نجم الأئمة و جمال الدين الخونساري و الفاضل التوني و التّفتازاني و الرّازي و الحاجبي و العضدي بأن النكرة في سياق النّفي تفيد العموم و موضوعة له و عزاه المحقق في المعارج إلى المحققين و لهم وجوه منها ما تمسّك به المحقق من أن السّيد إذا قال لعبده لا تضرب فهم منه العموم حتى لو ضرب واحدا عد مخالفا و التبادر دليل الحقيقة و منها ما تمسّك به نجم الأئمة من أن قولك أكلت شيئا يناقضه قولك ما أكلت شيئا فلو لم تكن الثانية عامة لم يحصل المناقضة و منها ما تمسّك به نجم الأئمة أيضا من أن ذلك لو لم تكن للعموم لما كان قولنا لا إله إلَّا اللَّه توحيدا و منها أنّه لو لم يكن للعموم لما صح الاستثناء في قوله ما رأيت أحدا و التالي باطل فالمقدم مثله و أما الملازمة فظاهرة و منها ظهور الاتفاق عليه و قد يناقش في جميع الوجوه المذكورة أما في الأوّل فبما ذكره بعض من المنع من كون التبادر من نفس اللَّفظ حتى يكون اللَّفظ موضوعا له بل إن النكرة في سياق النفي أنّما تدلّ على نفي الفرد المنتشر أو نفي الطبيعة من حيث هي و يلزم منه نفي جميع الأفراد الَّذي هو العموم و قد حكي عن السّبكي و الحنفية القول بأن دلالة النكرة المنفية عليه التزاميّة فعدّها من صيغ العموم بمعنى كونها حقيقة فيه مطلقا لا يخلو عن تمحّل و قد يجاب عما ذكر بأن الأصل في التبادر أن يكون من جهة اللَّفظ و هو علامة الحقيقة و يؤيد ما ذكر أمران أحدهما أنّه لو كانت بالالتزام لكان هناك انتقالان و المتحقق انتقال واحد و ثانيهما ما ذكره بعض من أن العموم لو كان مستفادا من نفس الطبيعة لما صحّ الاستثناء إلَّا على تقدير كونه منقطعا و ذلك واضح و الأصل فيه الاتصال و أما في الثاني فبأنّ غاية ما ذكر الدلالة على العموم و هي أعم من الالتزام فلا يكون هنا دليل على الوضع إلَّا أن يقال الأصل أن تكون من جهة الوضع و أما في الثالث فلما تقدم إليه الإشارة قال الآمدي إن لم تكن حقيقة في العموم فلا يمتنع إرادة العموم منها و على هذا فمهما لم يرد المتكلم منها العموم فلا تكون قوله توحيدا و إن أراد ذلك كان توحيدا لكن لا يكون العموم من مقتضيات اللَّفظ بل من قرينة حال المتكلم الدّالة على إرادة التوحيد و على هذا يكون الحكم فيما إذا قال ما في الدّار رجل قال و قول أهل الأدب إنّها للعموم أمكن حمله على عموم الصّلاحية دون الوجوب انتهى و فيه نظر و أما في الرابع فبأنّ صحة الاستثناء لا تدلّ على كون اللفظ موضوعا للعموم لأن الاستثناء إخراج ما لولاه لصحّ دخوله لا وجب قال في الغنية يبيّن ذلك أن قول القائل لغيره الق جماعة من العلماء و اضرب فرقة من السّفهاء بحسن أن يستثني كلّ واحد من العلماء و السّفهاء فلو كان الاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله فيه لوجب أن يكون قوله فرقة و جماعة مستغرقا لجميع العلماء و السّفهاء و ليس هذا قول أحد فإن قيل يجب على ما قلتموه في الاستثناء صحّة دخوله في النكرات قلنا يحسن بغير بخلاف استثناء المعرفة من النكرات كقوله الق جماعة إلَّا زيدا و اضرب رجالا إلَّا عمرا و يجوز استثناء النّكرة من النّكرات إذا خصّصتها أو وصفتها كقولك جاءني قوم إلَّا رجلا ظريفا أو من بني هاشم و لا يجوز بغير وصف و لا تخصيص لعدم الفائدة و هذا ذكره ابن البراج في كتابه الأصول انتهى و لا يقال لو كان ذلك كافيا لجاز الاستثناء من المفرد المنكر فيقال جاءني رجل إلَّا زيدا لصلاحية دخوله فيه لأنا نقول بالمنع منها لأن المفرد المنكر لا يكون إلَّا معينا في الواقع ضرورة كونه جائيا و إن لم يكن معينا عند المخاطب و المعيّن لا يصحّ الاستثناء منه إجماعا و يدلّ على ذلك أيضا جواز الاستثناء من الأعداد مع أنها ليست للعموم و قد يقال إن الظاهر أن الاستثناء يشترط فيه وجوب دخول المستثنى في المستثنى منه لولاه و قد حكي عن أهل اللغة أنّهم قالوا إنه إخراج جزء من الكل و الاستثناء من الأعداد ممنوع منه عند البصريين كما حكاه عنهم ابن عصفور في شرح المغرب و غيره على ما حكي قال إلَّا أن يكون العدد فيما يستعمل في المبالغة كالألف و السّبعين فيجوز و كذا نمنع من جواز الاستثناء على طريق الاتصال من جموع القلَّة قال الرازي لا نسلَّم أنّه يجوز الاستثناء من أيّ عدد شاء من جموع القلَّة مثلا لا يجوز أكلت أرغفة إلَّا ألف رغيف و يجوز الاستثناء من العموم أي عدد شاء و على تقدير الجواز في المقامين لا يقدح لوجود الشرط المزبور و قولنا إن الاستثناء من دلائل الحقيقة فيما إذا لم يكن هناك عدد أو جمع قلة و لتفصيل الكلام هنا محلّ آخر و أمّا في الخامس فبالمنع منه لوجود المخالف قد تقدم إليه الإشارة نعم قد يدعى شذوذه فلا بأس حينئذ بالمصير إلى ما ذكروه من إفادة المفروض العموم وضعا للشهرة العظيمة المعتضدة بأن الأصل في التبادر أن يكون باعتبار الوضع و بغيره ممّا تقدّم إليه الإشارة و بما سيأتي إليه الإشارة و أما إفادتها العموم في الجملة فممّا لا ريب فيه و لا شبهة يعتريه و النزاع في أنها بالالتزام أو غيره فقليل الفائدة < فهرس الموضوعات > و ينبغي التنبيه على أمور < / فهرس الموضوعات > و ينبغي التنبيه على أمور < فهرس الموضوعات > الأوّل < / فهرس الموضوعات > الأوّل قال في التّمهيد