أنّما يتحقق بدوامه انتهى و فيه نظر بل التحقيق أن الحجّة المذكورة لا تنهض بإثبات المدّعى كما لا يخفى و منها ما ذكره في النهاية فقال في مقام ذكر حجج القول بالدّوام الخامس هنا مقدمتان أحدهما أن المنهي عنه منشأ المفسدة و إلا لما صح النهي عنه و الثانية الحكم ببقاء ما كان على ما كان إلى أن يظهر دليل الإزالة و دليل ما يأتي من كون الاستصحاب حجة و مع تسليمها فنقول المنهي عنه قد ظهر أنه منشأ مفسدة و الأصل بقاء تلك المفسدة في جميع الأوقات فيتعلَّق النّهي بالجميع انتهى و فيه نظر فإن الاستصحاب على تقدير حجيته في مثل المقام لا يمكن إثبات الوضع به و هو واضح جدّا و منها ما ذكره في النهاية أيضا من أن النهي لو لم يكن للدّوام لما ثبت تحريم الزنا و الربا و غير ذلك من المنهيّات دائما و التّالي باطل بالإجماع فالمقدّم مثله و فيه نظر واضح و منها ما ذكره في النهاية أيضا فإنه قال في المقام المذكور الاحتياط يقتضي الانتهاء دائما فيتعين العمل به و مع تركه لا يأمن من ارتكاب المحظور انتهى و فيه نظر واضح و منها ما تمسّك به في النهاية أيضا و كذا في المعالم و شرح المبادي و كما عن شرح المنهاج من أن النّهي يقتضي منع المكلَّف من إدخال ماهيّة الفعل و حقيقته في الوجود و هو إنما يتحقق بالامتناع من إدخال كل فرد من أفرادها في الوجود و مع إدخال فرد منها فيه يصدق إدخال تلك الماهية في الوجود لاشتمال ذلك الفرد على تلك الماهية و فيه نظر لما ذكره في المنية فقال بعد الإشارة إلى الحجة الجواب المنع من عدم التحقق إلا بذلك فإن المنع من إدخال الماهية في الوجود قدر مشترك بين المنع من إدخال الماهيّة في الوجود دائما و بين المنع من إدخالها فيه لا دائما و لا دلالة لما به الاشتراك و هو المنع من إدخال الماهيّة في الوجود مطلقا على ما به الامتياز و هو قيد الدوام و قيد اللادوام و العام لا يدل على الخاص انتهى و أشار إلى ما ذكره العلامة في التهذيب و الرازي في المحصول على ما حكي و الشيخ البهائي في الزبدة و الفاضل الشيرواني في حاشية المعالم و الشارح الجواد في شرح الزبدة و والدي العلامة في بعض حواشيه و أجاب عنه في النهاية فقال بعد الإشارة إليه و فيه نظر لأن الامتناع عن الإدخال أنما يتحقق مع الدوام إذ مع عدمه يتحقق الإدخال الممنوع منه انتهى و هو في غاية الضّعف لأنه إن أراد أن حقيقة الامتناع عن الإدخال و ماهيته مع قطع النظر عن اللفظ الدّال عليه لا يتحقق إلا بالترك دائما فهو ضعيف في الغاية لجواز تقييد النهي بالقيود الزّمانية فتقول لا تفعل في هذا اليوم و لا تفعل في هذا الشهر و لا تفعله أبدا و لا يمكن هذا إلا بعد كون الامتناع من الترك قدرا مشتركا و مفهوما كما لا يخفى و أيضا النّفي و الإثبات متقابلان فكما يمكن إثباته يمكن نفيه بذلك القدر و بالعكس فلا وجه لزيادة جانب النفي فتأمل و إن أراد أن اللفظ الدّال على ذلك موضوع للدوام بحيث يدلّ عليه بالتضمن فهو أوّل الدعوى و للآخرين أيضا وجوه منها ما تمسّك به في التهذيب و المعراج من أن النّهي ورد تارة للتكرار كقوله تعالى و لا تقربوا الزّنا و قد ادعى الإجماع على استعماله فيه في النهاية و المنية و أخرى لغيره كقول الطبيب لا تشرب اللَّبن و لا تأكل اللحم فيلزم حقيقة في القدر المشترك دفعا للاشتراك و المجاز و فيه نظر للمنع من أصالة الاشتراك المعنوي شرح كما صرح به في المعالم و قد تقدم إليه الإشارة سلمنا و لكن الأصل أنما يصار إليه حيث لا يعارضه ما هو أقوى منه و أما معه فلا و الأصل المذكور قد عارضة هنا ما هو أقوى منه و هو تبادر الدّوام الذي هو دليل الحقيقة و يجب رفع اليد عنه و لذا قال في المعالم في مقام دفع الحجة المذكورة إن عدم الدّوام في قول الطبيب أنما هو للقرينة كالمرض في المثال و لو لا ذلك لكان المتبادر هو الدّوام انتهى و في النهاية و غيره في المقام المذكور أن عدم الدّوام أنما هو للقرينة حالية و مقالية و أما مع تجرّده عن القرائن من أن النهي يصح تقييده فلا نسلَّم أن يراد المرّة و القرينة الحالية ثابتة فيما ذكرتم انتهى و قد يقال لا نسلَّم صلاحية ما ذكر في المعالم للقرينة لما تقدم إليه الإشارة و منها ما تمسّك به في التهذيب و المعراج من أن النّهي يصحّ تقييده بالدوام و نقيضه من غير تكرار و لا نقض فيكون للقدر المشترك و أجاب عنه في المعالم و النهاية بأن التجوز جائز و التأكيد واقع في الكلام مستعمل فحيث يقيد بخلاف الدّوام يكون ذلك قرينة للمجاز و حيث يؤتى بما يوافقه يكون تأكيدا و في الزبدة في مقام دفع الحجة المذكورة التصريح بما علم ضمنا شائع و منها أنه لو كان للدوام لما انفك عنه و قد انفك عنه فإن الحائض نهيت عن الصلاة و الصوم و لا دوام و أجاب عنه في المعالم و المختصر و شرحه للعضدي فقالوا الجواب أن كلامنا في النّهي المطلق و ذلك يختص بوقت الحيض لأنه مقيد به فلا يتناول غيره أ لا ترى أنه عام لجميع أوقات الحيض قال الفاضل الشيرواني تحرير الجواب أن تكرار النّهي أنما هو يعتبر أولا تقييده بما أريد تقييده به و لو بالقيود الخارجة ثم يورد عليه مدلول الصيغة الذي هو طلب الترك فيعم جميع أجزاء الوقت في المبدإ الَّذي يعتبر ورود مدلول الصيغة عليه و المبدأ يعتبر أو لا تقييده بما أريد تقييده به و لو بالقيود الخارجة ثم يورد عليه مدلول الصّيغة الَّذي هو طلب الترك فيعمّ جميع أجزاء الوقت و هذا مقتضى وضع الصّيغة و هو الَّذي أراده المصنف و إن كان في سياقه نوع منافرة و بهذا التقرير يندفع كثير من الشبه و منها أن النهي لو كان موضوعا