و قال الفيومي الواو من حروف العطف لا يقتضي الترتيب على الصّحيح عندهم و قال في الإحكام اتفق جماهير أهل اللغة على أنها للجمع المطلق غير مقتضية ترتيبا و لا معية و قال الحاجبي الواو للجمع المطلق لا لترتيب و لا معية عند المحققين لنا النقل عن الأئمة و قال البيضاوي الواو للجمع المطلق بإجماع النحاة انتهى لا يقال لا نسلَّم جواز الاعتماد على ما ذكر و إن سلَّم حجيّة الإجماع المنقول في اللغات لمعارضته بمصير كثير من أعاظم أهل العربيّة و هم الَّذين أشرنا إليهم إلى القول بوضعها للترتيب و بتصريح الشيخ بأنه مذهب أكثر النّحويين و لذا غلط ابن هشام كما عن أبي حيّان السّيرافي في دعواه الإجماع على الموضع لمطلق الجمع على أن اللازم الأخذ بقول هؤلاء كما صرّح به العلامة في المنتهى معللا بأن القائل بالجمع يشهد بالنفي و القائل بالترتيب يشهد بالإثبات و شهادة الإثبات مقدمة لأنا نقول جواز الاعتماد عليه مما لا ينبغي الرّيب فيه بعد تصريح كثير من المحققين بكونها موضوعة للجمع المطلق و مصيرهم إليه و هم من أعاظم أهل العربيّة و المخالف في جنب هؤلاء يمكن أن يعدّ من الشواذ لا سيّما مع عدم ثبوت مصير بعض من نقلناهم في عداد القائلين بالتّرتيب إليه فإنه حكي عن الفراء القول بالترتيب فيما يمتنع فيه الجمع لا مطلقا و قيل إن الشافعي و أبا حنيفة ليس مذهبهما الوضع للترتيب و النسبة سهو من القاري فإنه جعل فتواهم بالترتيب في الوضوء دليلا على القول بالوضع للترتيب و أمّا تعليل العلامة فعليل للمنع من رجوع الأمر هنا إلى تعارض شهادة الإثبات مع شهادة النفي سلَّمنا و لكن نمنع من كون كل إثبات مقدما على النفي حتى في مثل محلّ الفرض الَّذي اعتضد فيه النفي بشواهد تدلّ على صحته الثامن أن واو العطف في نحو قوله جاء زيد و عمرو و أكرم خالدا و بكرا مساوية لواو الجمع في المسلمون يجب إكرامهم و المسلمون قالوا كذا و هذه الواو لا تفيد الترتيب و لا المعية فكذا واو العطف أمّا مساواتهما فلما حكاه العلامة و السيّد عميد الدّين و العربي و غيرهم من حكم أهل اللَّغة بذلك و أمّا عدم إفادة واو الجمع للترتيب و المعية فظاهر و قد ادعى العلامة الإجماع على عدم إفادتها الترتيب و أمّا لزوم أن يكون واو العطف غير مفيد لهما حينئذ فلأنها لو لم يكن كذلك لزم حصول الفرق بينهما و عدم التساوي و هو باطل لما بينّاه لا يقال إن أريد من التساوي التّساوي في الدّلالة على الجمعية فمسلم و لا يجدي و إن أريد التّساوي من كلّ جهة فلا نسلمه كيف و العاطفة لا يشترط فيها اتحاد المعطوف و المعطوف عليه دون واو الجمع فإنها مشروطة به لأنا نقول منع التّساوي من كلّ جهة لا وجه له لأن مقتضى إطلاق المحكي عن أهل اللَّغة ذلك و تقييده بأمر خاص خلاف الأصل كمنع صحّة الحكاية و حجيّة كلام أهل اللَّغة و ثبوت التّمايز بينهما من جهة لا يمنع من التمسّك بالإطلاق المذكور في موارد الشك فيه بناء على ما هو التحقيق من أن العام المخصّص حجة في الباقي هذا و في المحصول في مقام دفع الإيراد المذكور أنهم نصّوا أن فائدة إحداهما عين فائدة الأخرى و ذلك ينفي الاحتمال المذكور التاسع أن الصحابة على ما حكي عنهم سألوا من النّبي صلى الله عليه و آله و سلم عن مبدإ السّعي بعد ما سمعوا قوله تعالى إن الصّفا و المروة من شعائر اللَّه فقالوا بم نبدأ يا رسول اللَّه فقال ابدؤا بما بدأ اللَّه و لو كانت موضوعة للترتيب لما احتاجوا إلى السّؤال لكونهم من أهل اللَّسان فكانوا يفهمون المبدأ و يؤيده عدّة من النّصوص الآمرة بالابتداء بما بدأ اللَّه تعالى به من غير سؤال الصّحابة و ذلك لأنها لو كانت للترتيب لما كان للأمر به فائدة لا يقال ما نسب إلى الصحابة غير ثابت لأنا نقول الظاهر اتفاق القول على صحة النسبة أمّا من المتمسّكين لهذه الحجة فواضح و أمّا من المانعين فلأنهم لم يجيبوا عنها بضعف السّند و لو كان لكان هو بالجواب أولى فتأمل و لا يقال إنها لو كانت موضوعة للقدر المشترك لما جاز لهم السؤال لوضوح دلالة اللفظ حينئذ لأنا نقول السؤال عن أفراد الكلَّيات حيثما يتعلَّق بها التكليف جائز قطعا و لذا يصح أن يقال في العرف بعد قوله آتني بإنسان أ طويلا أردت أم قصيرا أ زنجيّا أردت أم روميا و لا كذلك السؤال عن نفسها فإنه قبيح قطعا فلا يصح أن يقال بعد قوله آتني بإنسان أ أردت حيوانا ناطقا أم غيره و لو كانت موضوعة للترتيب لكان سؤالهم من قبيل الأخير بخلاف ما لو كانت موضوعة للجمعية المطلقة فإنه يكون من قبيل الأول سلمنا صحة السّؤال مع فرض الوضع للترتيب لأن فائدته حينئذ تحصيل القطع بالمراد إذ هي غير حاصلة بمجرّد الوضع خصوصا مع كثرة التجوّز و لكن نقول إن الاحتياج إلى السّؤال عن الأفراد في الاشتراك المعنوي أشدّ من الاحتياج إلى السؤال عن إرادة الموضوع له و مع ذلك فوقوعه في الأوّل أكثر من وقوعه في الثاني فيحمل على الأوّل حملا للشيء على ما هو الأقرب و الأغلب فتأمل و لا يقال إن قوله صلى الله عليه و آله ابدأ بما بدأ اللَّه يدل على الوضع للتّرتيب لإشعاره بأن السبب فيما حكم به ظهور قوله تعالى إن الصّفا و المروة في الترتيب و لا يكون إلَّا من جهة الوضع للتّرتيب و يدل على كون السّبب ذلك الحسن لصفوان بن يحيى عن الصادق عليه السلام أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم خير فرغ من طوافه و ركعيته قال ابدؤا بما بدأ اللَّه عزّ و جلّ من إتيان الصّفا إن اللَّه تعالى يقول إن الصّفا إلى آخره لأنا نقول لا نسلَّم دلالة قول النّبي صلى الله عليه و آله و سلم و قول الصادق عليه السلام على ذلك و لو سلم إشعارهما به فنقول الإشعار لا يجوز الاعتماد عليه فتأمل و لا يقال