و حكي عن الفراء و الغزالي القول بعدم إفادتها الترتيب مطلقا و عن بعض عدم إفادتها التعقيب مطلقا و قال في العدّة و ذهب المرتضى إلى أنها تفيد الترتيب و خالف في أنها تفيد التعقيب من غير تراخ بل قال ذلك موقوف إلى الدّليل و عن الجرمي عدم إفادته إياه في البقاع و الأمطار و قال في المعارج و منهم من جعلها للتّراخي أيضا انتهى و تحقيق الكلام هنا يقع في مقامات الأول اعلم أنّ المراد بالتعقيب الترتيب بلا مهلة كما صرّح به العلامة و غيره لأنه المتبادر منه عند الإطلاق و التعقيب في كلّ شيء بحسبه و المرجع فيه إلى العرف فرب فعلين يعدّ الثاني عقيب الأوّل عادة و إن كان بينهما أزمان كثيرة كما في قوله تعالى فخلقنا النّطفة علقة و صرّح بما ذكر العلامة و نجم الأئمة و الشهيد الثاني و المحقق البهائي و صاحب غاية البادي و فخر المحققين و السيّد عميد الدّين و صاحب جمع الجوامع كما عن الحاجبي و لكن قال الدّماميني في شرح المغني و الذي يظهر من كلام جماعة أن استعمال الفاء فيما تراخى زمان وقوعه عن الأوّل سواء قصر في العرف أو لا إنما هو بطريق المجاز و فيه نظر بل التحقيق ما ذكره الجماعة الثاني اعلم أنّه إذا كانت الفاء للتعقيب نحو قوله جاءني زيد فعمرو و أكرم زيدا فعمرا أفادت الترتيب بلا مهلة للإجماعات المتقدمة المعتضدة بالتبادر فالقول بالمنع من إفادتها ذلك مطلقا أو في الجملة لو سلَّم ضعيف و الاستعمال في خلاف الترتيب لو سلم لا يصلح معارضته لما سبق كما لا يصلح لها صحة التّقييد بالتعقيب مع وجود الفاء إن سلَّمت حينئذ ما سبق كالنّص بالنسبة إلى هذين فيقدم الثالث اعلم أن مقتضى إطلاق العبائر المتقدّمة المتضمنة لدعوى الإجماع كون الفاء الجزائية للتعقيب بلا مهلة أيضا و عبارة الشيخ في التهذيب كالصّريح فيه و في دعوى الإجماع عليه و قد صار إليه أيضا في الخلاف و كذا صار إليه ابن زهرة و العلامة و السّيّد عميد الدّين و نجم الأئمة و جماعة من العامة و احتجّ على ذلك بأنها لو لم يكن للتعقيب لما صحّ دخولها على الجزاء إذا كان اسما نحو من جاءني فله درهم و التالي باطل فالمقدم مثله أمّا الملازمة فلأنها لو لم يكن للتعقيب لكانت لغيره فينافي ما ثبت من وجوب حصول الجزاء عقيب الشّرط فلا يصحّ دخولها عليه و أمّا بطلان التالي فلما تقرّر في العربية من لزوم دخولها عليه حينئذ و فيه نظر واضح و الأقرب عندي أنها لا تفيد ذلك وفاقا للمحقق الثاني و المحقق الخونساري و صاحب الكشف و التفتازاني بل حكي عن الأكثر و منهم الشّهيد الثاني على الظاهر لعدم تبادره من الإطلاق و صدق الأمثال مع التراخي في نحو قوله إن جاءك زيد فأكرمه و قبول مدخولها قيدي الفور و التراخي فيصح أن يقال في المثال فأكرمه بعد مدة أو فورا من غير تأكيد و لا تجوز و لا يعارض ما ذكر الإجماعات المتقدمة لوهنها هنا بمصير من أشرنا إليهم إلى المختار مع احتمال تنزيل إطلاقها على غير محل البحث فإذن لا دلالة لقوله إذا دخل الوقت فتوضأ على وجوب الإتيان بالوضوء بعد دخول الوقت فورا نعم يدل على تحقق الوجوب و تعلَّقه بالمأمور بعد ذلك بلا فصل و لعلّ هذا مراد من قال بإفادتها التعقيب و لكن هذا غير مستفاد من القائل من ترتب الجزاء على الشرط فيكون خارجا عن محلّ البحث < فهرس الموضوعات > تنبيه < / فهرس الموضوعات > تنبيه اعلم أنّه جوز نجم الأئمة كما عن ابن برهان أن تكون الفاء زائدة خلافا للمحكي عن سيبويه فمنع منها مطلقا و للمحكي عن الأخفش فمنع منها في غير الخبر و جوّزها فيه و عن الفراء و الأعلم و جماعة تخصيص الجواز بكون الجزاء أمرا و نهيا و كيف كان فلا يجوز العدول إليها إلَّا لدليل لمخالفتها الأصل كما أنّ جعلها للاستئناف إن سلَّم مجيئها له كما عن بعض مخالف للأصل < فهرس الموضوعات > مفتاح < / فهرس الموضوعات > مفتاح اختلف القوم في مدلول الواو العاطفة الذي يجب حمل الإطلاق عليه على أقوال الأوّل أن مدلولها الترتيب بين المعطوف و المعطوف عليه فإذا قيل اضرب زيدا و عمراً كان معنا اضرب زيدا أولا و عمراً ثانيا فلو قدم ضرب عمرو لم يكن ممتثلا و هو اختيار العلامة في المنتهى كما عن الفراء و الكسائي و تغلب و الربعي و ابن درستويه و أبي جعفر الدينوري و أبي عمرو الزاهد و هشام و قطرب و أبي عبيدة و الشافعي و أصحابه و أبي حنيفة و الكوفيين و جماعة من الأصوليين و في الخلاف عزاه إلى أكثر النحويين الثّاني أن مدلولها المعيّة فإذا قيل اضرب زيدا و عمراً كان معناه اضربهما في آن واحد و هو اختيار ابن كيسان و بعض الحنفية على ما حكي عنهما الثالث أن مدلولها الترتيب و المعيّة و أنها موضوعة لهما بالاشتراك اللفظي و هو اختيار بعض الأفاضل الرابع أن مدلولها الجمع المطلق بمعنى أنها تجمع بين أمرين فصاعدا في ثبوت نحو ضرب زيد و أكرم عمرو اضرب زيدا و عمراً أو في ذات نحو ضرب و أكرم عمرو و لا دلالة فيها على الترتيب بين المعطوف و المعطوف عليه و لا المعيّة و هو اختيار الأكثر كالشيخ و الفاضلين و السّيّد عميد الدّين و ثاني الشّهيدين و نجم الأئمة و المحقق البهائي و صاحب غاية البادي و الحاجبي و العضدي و التفتازاني و البيضاوي و ابن هشام و الزمخشري و خالد الأزهري و غيرهم و حكي عن سيبويه أنّه صرح به في سبعة عشر موضعا من كتابه و لهم وجوه الأوّل أن الجمع المطلق معنى يشتد الحاجة إلى التعبير عنه فيجب وضع لفظ بازائه و لا لفظ سوى الواو أمّا المقدمة الأولى فواضحة و أمّا الثّانية فلأن ما عدا الواو من حروف العطف ليست للجمعيّة المطلقة فانحصر أن يكون الواو لها لا يقال كما أن الجمع المطلق معنى يشتد الحاجة إلى التعبير عنه كذلك الترتيب المطلق و المعيّة معنيان تشتد الحاجة إلى التعبير عنهما و لا لفظ سوى الواو فإنّ ما عداها من حروف العطف لا يدلّ على ذلك بل