مقابلة لإلى فإنه يدل على الأول و كصحة جعل لفظ بعض موضعها فإنه يدلّ على الثاني قيل و لا يستقيم كونها للتبعيض إلَّا إذا كان المأخوذ أقلّ من النّصف و كأن يكون قبلها أو بعدها مبهم يصلح لأن يكون المجرور بها تفسيرا له و يحمل اسم ذلك المجرور عليه فإنه يدل على الثالث كما صرّح به نجم الأئمة قيل و يدل عليه صحة وضع الَّذي موضعها و ذهب البيضاوي كما عن الرازي إلى أنّه حقيقة في الأخير و ذهب بعض إلى أنها حقيقة في الابتداء مجاز في غيره و يظهر من الفيومي كونها حقيقة في الأولين لا غير و لعلّ القول الثاني لا يخلو عن قوة لأن التّبيين قدر مشترك بين المعنيين الآخرين و الأصل في اللفظ المستعمل في المعنيين أن يكون مشتركا حقيقة في القدر المشترك بينهما فتأمل < فهرس الموضوعات > مفتاح < / فهرس الموضوعات > مفتاح اعلم أنّ لفظة إلى تستعمل في معان منها الانتهاء زمانا نحو صمت إلى اللَّيل و مكانا نحو سرت إلى الكوفة و منها معنى مع كما قيل و منها معنى في كما قيل و منها معنى اللَّام كما قيل و منها معنى عند كما قيل و عن الفراء أنها قد تكون زائدة و لا إشكال في كونها حقيقة في الأوّل و إنّما الإشكال في أصالة دلالتها على انتهاء الكيفية أو الكميّة و الثمرة تظهر في نحو قوله اغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق فعلى تقدير كون الأصل الدلالة على انتهاء الكيفية تكون الآية الشّريفة دالة على وجوب انتهاء الغسل عند المرافق فلا يجوز الابتداء به منها و على تقدير كون الأصل الدّلالة على انتهاء الكميّة تكون الآية الشريفة دالة على أن المغسول هو المسافة الكائنة بين الأصابع و بينها فيجوز دعوى جواز الابتداء بالغسل منها تمسّكا بإطلاق الآية الشريفة و الحق عندي أن الأصل دلالتها على انتهاء الكيفية لوجوه الأوّل أن المتبادر منها عند الإطلاق ذلك و يشهد بذلك أنّه إذا أمر بغسل اليد إلى المرافق و ابتدأ المأمور الغسل منها لم يعد ممتثلا قطعا و ليس ذلك إلَّا لكون اللَّفظ موضوعا لما ذكرنا و متبادرا منه ما إليه أشرنا الثاني أنّه لا شكّ في كون الغالب في استعمالها ذلك فيلحق محلّ الشكّ به الثالث أنها لو كانت لانتهاء الكمية لوجب إضمار ما يتعلَّق به لأنها من الحروف الجارة الَّتي تحتاج إلى المتعلَّق و ليس في الكلام المذكور ما يصلح لتعلَّقها به فوجب الإضمار و هو خلاف الأصل و لا يلزم هذا على المختار لأنها تتعلَّق حينئذ بالفعل المذكورة قطعا و مما ذكرنا يندفع ما يظهر من جماعة من الأصحاب كالمحقق الثاني و السيوري و خالي المجلسي و غيرهم من كونها مجملة في الدلالة على أحد الأمرين لاستعمالها فيهما معا < فهرس الموضوعات > و ينبغي التنبيه على أمور < / فهرس الموضوعات > و ينبغي التنبيه على أمور < فهرس الموضوعات > الأوّل < / فهرس الموضوعات > الأوّل هل يجوز على القول بالإجمال التّمسك بإطلاق اغسلوا في قوله تعالى اغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق لإثبات جواز الابتداء بالغسل من المرافق أو لا فيه إشكال من أن الأصل بقاء الإطلاق على إطلاقه حتى يظهر المقيّد له و لم يظهر هنا لأن الفرض الإجمال و من أن الإجمال في ذلك يستلزم الإجمال في الإطلاق فتأمل < فهرس الموضوعات > الثّاني < / فهرس الموضوعات > الثّاني إذا دار الأمر بين حملها على معنى مع و حملها على انتهاء الكمية فهل الأولى الأوّل أو الثاني فيه إشكال من دعوى جماعة من الأصحاب كالسّيد المرتضى و الشّيخ و ابن زهرة و الشّهيد الثاني أن إتيانها بمعنى مع كثير الشّواهد و الاستعمال بل ربّما يظهر من المرتضى أن حملها عليه أولى مطلقا معلَّلا بأنه أعمّ في الفائدة و من تصريح الحاجبي بأن إتيانها بمعنى مع قليل بل يستفاد من كلام أنّه غير ثابت و أول الشّواهد الَّتي ذكروها بما يرجع إلى كونها للغاية فتأمل < فهرس الموضوعات > الثّالث < / فهرس الموضوعات > الثّالث إذا كانت إلى للغاية فهل هي تدخل في المغيا أو لا حكى التفتازاني عن أكثر النّحويين و الشّهيد الثاني عن أكثر المحقّقين أنّ الأصل في الغاية خروجها عن المغيا و إليه ذهب نجم الأئمة و ابن هشام و احتج عليه الثاني كما هو ظاهر الأوّل بأن الأكثر مع القرينة عدم الدخول فيجب الحمل عليه عند التردد و يدلّ عليه أيضا أنّ استعمالها فيما إذا أخرج حقيقة في الجملة و القول بالدّخول مطلقا شاذ لا يعرف قائله كما صرّح به التفتازاني في التلويح فيلزم أن يكون كذلك مطلقا و إلَّا لزم الاشتراك و المجاز أولى منه فتأمل و ربّما استدل عليه باستلزام كونها للغاية المنصوص عليه من اللغة الخروج و فيه تأمل لأن الغاية كما تطلق على الطرف الخارج عن الشيء كذلك تطلق على الجزء الَّذي ينقطع الكلّ عنده و حكم العلامة كما عن الرازي بالدخول إذا لم يكن مفصل محسوس بين الغاية و ذيها و عن المبرّد الحكم به إذا كانت من جنس ذيها و عن بعض الحكم به إذا لم يقابل بمن كأن يقال سرت إلى البصرة < فهرس الموضوعات > مفتاح < / فهرس الموضوعات > مفتاح اعلم أنّه قد تضمن كثير من عبائر القوم دعوى الإجماع على أن الفاء موضوعة للتعقيب بقول مطلق فقال شيخ الطَّائفة في التهذيب و الخلاف لا خلاف أن الفاء يوجب التعقيب و قال المحقق في المعارج الفاء للتعقيب بإجماع أهل اللَّغة و قال العلامة في المنتهى و النهاية الفاء للتعقيب و أجمع عليه أهل العربية و قال السيّد عميد الدّين و الدليل على أنّها موضوعة للتعقيب إجماع أهل اللَّغة و إجماعهم في ذلك و أمثاله حجّة و قال فخر الإسلام في شرح المبادي و ذهب بعض من لا تحقيق له إلى أنّه ليس له لنا إجماع أهل اللغة و قال جدي الفاضل المازندراني الفاء للتعقيب بلا مهلة بإجماع النّحاة على ذلك و قال بعض أصحابنا و الَّذي يدل على أن الفاء للتعقيب إجماع أهل اللَّغة و قال الرّازي لنا على أنّه للتعقيب إجماع أهل اللَّغة و قال البيضاوي و الفاء للتعقيب إجماعا و قال العبري و الدّليل على كونها لذلك إجماع النحاة على ذلك و قال الأصفهاني هذا ممّا أجمع الأدباء على نقله من أئمة اللغة