responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 593


في الدين وذلك أمر بيّن لا يحتاج إلى برهان والتالي باطل فالمقدم مثله وثانيهما أنه إذا أدام المكلف بين الاجتهاد بالنحو الذي ذكروه وبين التقليد كان الأحوط الثاني وإن احتمل وجوب كلّ منهما وعدم جوازه لمصير المعظم إليه بل القول بالخلاف في غاية الشذوذ والندرة بل لم نجد قائلا به بعد الحلبيين ولا شك أن ما هو كذلك يطمئن النفس به دون ما ليس كذلك ولا شك أن العاقل حيث يدور أمره بين أمرين متصادمين يأخذ بما هو الأقرب إلى الواقع ويطمئن نفسه ثم لو سلَّم تساوي الأمرين وفقد المرجّح في البين فالذي يقتضيه القاعدة العقلية هو التخيير ومعه يثبت جواز التقليد وعدم وجوب الاجتهاد الَّذي حكي عن الحلبيين وهذا المقدار كاف في إبطال مذهبهم أيضا فتأمل وأما منع بطلان التالي بعد تسليم الملازمة وتجويز التكليف بما فيه الحرج هنا فلأن الحق أن التكليف بما فيه الحرج العظيم والعسر الشديد لا يجوز كالتكليف بما لا يطاق وقد بيّناه سابقا ولو سلم منع بطلان ذلك فلا إشكال أن مقتضى عمومات الكتاب والسنة خلافه ويكون التمسك بها هنا كتمسكهم بعمومات الكتاب والسنة على عدم جواز العمل بغير العلم فما هو الوجه في استدلالكم بهذه العمومات فهو الوجه في استدلالنا بتلك العمومات على مطلوبنا على أنا نقول تلك العمومات وإن كانت مفيدة للظن في شمولها لجميع الأفراد لكن لا ريب أنها شاملة لجملة من الأفراد وإلا لكانت لغوا كما لا يخفى وحينئذ لا يخلو إما أن يكون محل البحث منها أو من غيرها فإن كان منها فهو المطلوب وإن كان من غيرها فنلحقه بها بطريق أولى إذ لا حرج أعظم من الحرج اللازم بوجوب تحصيل العلم أو الاجتهاد مطلقا أو العمل بالاحتياط على العامي فتأمل وأما دعوى أن التعارض بين تلك العمومات والعمومات المانعة عن العمل بغير العلم من قبيل تعارض العمومين من وجه فهي وإن كانت صحيحة ولكن نقول إن الترجيح مع تلك العمومات لاعتضادها بالإجماعات المحكية والشهرة العظيمة والموافقة للشواهد العقلية وتقدمها على أكثر العمومات الَّتي تعارضها بالنحو المذكور وأما الإلزام بوجوب الاجتهاد على كل أحد حيث لم يكن أحد يقوم به فلا نسلَّمه ولم لا يجوز أن يختص الوجوب بمن يستعد له عادة كالمشتغلين والمحصلين سلمنا ولكن الالتزام بالضرر والخروج عن القاعدة في موضع لا يستلزم ذلك مطلقا فتأمل الثالث أنه لو لم يجز التقليد لما وجب السؤال من العلماء لمعرفة الأحكام الشرعية والتالي باطل فالمقدم مثله أما الملازمة فلأنه لا فائدة للسؤال إلا العمل بقول من يسأل عنه من غير دليل فلو لم يجز العمل به لم يكن للسؤال فائدة فلا يكون جائزا فضلا عن أن يكون واجبا وأما بطلان التالي فلقوله تعالى في سورة النحل * ( وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * وقوله تعالى في سورة الأنبياء * ( وما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * وقد تمسّك بهذه الحجة على جواز التقليد جماعة ففي المعارج احتجوا الجواز التقليد بقوله تعالى * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * وفي التمهيد في جواز التقليد مذاهب أحدها الجواز بل الوجوب لقوله تعالى * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * وفي الأحكام أما النص فقوله تعالى * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * وهو عام لكلّ المخاطبين ويجب أن يكون عاما في السؤال عن كلما لا يعلم بحيث يدخل فيه محلّ النزاع وإلا كان متناولا لبعض ما لا يعلم بعينه أو لا بعينه الأول غير مأخوذ من دلالة اللفظ والثاني يلزم منه تخصيص ما فهم من معنى الأمر بالسؤال وهو طلب الفائدة ببعض الصور دون بعض وهو خلاف الأصل وإذا كان عاما في الأشخاص وفي كل ما ليس بمعلوم فأدنى درجات قوله تعالى * ( فَسْئَلُوا ) * الآية الجواز وهو خلاف مذهب الخصوم وفي المختصر غير المجتهد يلزمه التقليد وإن كان عالما بدليل فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وهو عام فيمن لا يعلم ومن شرحه للعضدي لنا قوله تعالى * ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * وهو عام في جميع من لا يعلم فإنه علة الأمر بالسؤال هو الجهل والأمر المقيد بالعلَّة يتكرر بتكررها فنقول هذا غير عالم بهذه المسألة فيجب عليه فيها السؤال انتهى لا يقال لا نسلم الملازمة إذ لا دليل على استلزام وجوب السؤال جواز تقليد المسئول عنه لا عقلا ولا نقلا والفائدة كما تكون العمل بقول المسئول عنه كذا يمكن أن يكون حصول العلم بما جهله من قول من يسأل عنه ويمكن أيضا أن يكون أمرا آخر غيرهما ولعل الفائدة الثانية أقرب هنا ويؤيد التعبير عن المسئول عنه بلفظ الأهل الذي يفيد معنى الجمع لأنه إذا سئل عن الجميع فأجابوا حصل العلم عادة ولو كان المراد بيان جواز التقليد لكان الأولى الإتيان بلفظ المفرد وأن يقال فاسألوا العالم وذا الذكر وقد أشار إلى منع الملازمة في المعارج فقال بعد ما حكاها عنه سابقا ويمكن أن يقال سلمنا وجوب السؤال ولكن لا نسلم وجوب العمل انتهى لأنا نقول وجوب السؤال وإن لم يستلزم عقلا وشرعا جواز العمل ولكن المفهوم عرفا من إطلاق اللفظ الدال عليه ذلك وهو يدل عليه بالدّلالة الالتزامية العرفية كدلالة قوله إن جاءك زيد فأكرمه على نفي وجوب الإكرام عند عدم المجيء وكدلالة قوله طويل النجاد على طول القامة وهذه الدلالة من دلالة الخطاب وهي معتبرة بلا إشكال هذا ومما يدل على أن ليس المقصود من الأمر بالسؤال تحصيل العلم إن ذلك يقتضي انتفاء وجوبه في صورة علم السائل بأن جواب المسئول

593

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 593
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست