responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 592


هدم فروع الدّين رأسا فينحصر الدّين بالأصول وهذا باطل بالضرورة ومن ادعاه فقد أنكر ضروري الدين وأي ضروري فيكون كافرا بناء على ما قالوه من أن منكر ضروري الدّين كافر ثم لو سلمنا إمكان حصول العلم بكيفية عبادة خاصة أو معاملة خاصة فنقول إن ذلك في غاية القلَّة والنّدرة ففي الاقتصار عليه خروج عن الدّين أيضا فإن قلت قد ثبت بالأدلة الكلامية والبراهين العقلية اشتراط التكاليف بالعلم وحيث لا يحصل العلم لا يكون مكلَّفا لفقد شرطه وهو العلم ولذا يحكمون برفع التكليف عمن لم يسمع صيت الإسلام ولا خطر بخاطره فلم لا يجوز أن يكون الناس بأسرهم كهذا مع اشتراكهم في فقد شرط التكليف قلنا هذا باطل لأنا لما علمنا بالضّرورة ثبوت التكليف بفروع الشريعة وعلمنا بأن الوصول إلى الواقع أمر غير ممكن لزمنا أن نقول بأن التكليف بالفروع منوط بأسباب شرعية حيث لا يحصل العلم بالواقع وهي التقليد بالنسبة إلى العامي والاجتهاد بالنسبة إلى المجتهد فتكليفنا بالتقليد والاجتهاد ليس مفقود الشرط وهو العلم بل شرطه موجود والفرق بين سائر الناس الذين انقادوا إلى الإسلام وعرفوا أن فيه فروعا وأصولا وعلموا بجملة من مسائل الأصول وأن فروع الدّين باق إلى يوم القيامة وبين من لم يسمع صيت الإسلام أمر واضح لا يحتاج إلى بيان ولا تتوهمون أن أحدا من الشيعة الإمامية يعمل بغير علم ويسلك مسلكا بغير بصيرة ويقين بل الكل معترفون بأن البناء في الدين لا بد أن يكون على وجه القطع واليقين والذين يعملون بالظن أو غيره مما لا يفيد العلم يعتقدون أن الشارع أوجب العمل به كما أوجب العمل بظاهر يد المسلم وبالظن في الصّلاة وبأصالة طهارة الأشياء وبشهادة العدلين ومن الظاهر أن التكليف بهذه الأشياء منوط بالعلم وليس العمل بها عملا بما لا يعلم فما دل من الكتاب والسّنة والعقل على نهي العمل بغير العلم لا يشمل محلّ البحث لأنه عمل مستند إلى العلم فمورد ذلك ما لا يفيد العلم الَّذي لم يقم دليل علمي على اعتباره ولو بوسائط فمن ادعى أن العمل بغير العلم قبيح إن أراد هذا فهو حق لا ريب فيه وإن أراد أن العقل يحكم بقبح التكليف بما لا يفيد العلم بالواقع فلا ريب في كذب دعواه فإن عادة العقلاء قد جرت بالاعتماد على أمور لا تفيد العلم بالواقع كالمكاتب والأخبار والأمارات فكيف يكون ذلك قبيحا ولا استبعاد في أن يكون الشيء حسنا في حالة وقبيحا في أخرى فإن الصدق حسن إذا كان نافعا وقبيح إذا كان ضارا ولا يلزم أن يكون الفعل المتصف بالقبح باعتبار قبيحا من جميع الجهات وكذا الفعل المتّصف بالحسن نعم قد يتحقق فعل قبيح يكون قبحه ثابتا مطلقا كالظلم وقد يتحقق فعل حسن يكون حسنه ثابتا مطلقا كالإيمان ولكن لا ينحصر الفعل الاختياري في هذين بل ينقسم إلى أقسام ثلاثة ومنها ما بيّناه أولا ومنه الفعل بغير العلم فإنه قد يكون قبيحا باعتبار وحسنا باعتبار آخر فالتقليد والعمل بالظن ينقسم إلى قسمين ولا ينحصران في قسم واحد كما لا يخفى واحفظ ما قلته فإنه ينفعك كثيرا إن شاء الله تعالى وأمّا دعوى وجوب العمل بالاحتياط فيما لا يعلم بحكمه بعد تسليم انسداد باب العلم في معظم الأحكام الشّرعية الفرعية فلأنه لا يجب ذلك على المجتهد الَّذي انسدّ عليه باب العلم بها وهو مستلزم لعدم وجوب ذلك على العامي بطريق أولى للاشتراك في الوجوه التي تدلّ على عدم وجوب ذلك على المجتهد فكلّ مكلَّف سواء كان مجتهد أو عاميّا لا يجب عليه العمل بالاحتياط في جميع ما لا يعلم بحكمه بعد فرض انسداد باب العلم بمعظم الأحكام الشّرعية عليه خصوصا إذا حصل الظن بالخلاف وأمكن اعتباره وذلك لوجوه أشرنا إليها في مقام آخر واحتمال وجوب الاجتهاد عليه بطريق ما حكي عن فقهاء حلب بعد تسليم تعذّر العلم بالأحكام الشرعية الفرعية بالنسبة إليه ولو بطريق الاحتياط فلأن الاجتهاد له متعسّر بل متعذر مطلقا ولو فسّرناه بما حكي عن فقهاء حلب كما صرّح به الجماعة المتقدم إليهم الإشارة والضرورة يحكم به كيف لا والحال أنا نرى أن جماعة من الأزكياء العلماء يتعبون أنفسهم ويبذلون جهدهم سنين كثيرة لتحصيل أدنى مرتبة الاجتهاد ولا يحصّلونه مع تفريغهم عن كل شغل يمنع منه فكيف بالعوام الذين ليس لهم حظَّ من العلم كأهل السوق والأكراد والأعراب وأهل البوادي والقرى والنساء والعبيد والجواري وحديثي التكليف مع كثرة مشاغلهم وشدّة حاجتهم إلى نظم أمر المعاش وكيف يمكن دعوى فهمهم معنى الإجماع وتحققه وفهمهم أن الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار الحرمة وفهمهم النصوص الظاهرة واطلاعهم عليها مع أن جميع ذلك قد صار مطارح أفهام الأذكياء ومحلّ أنظار العلماء ولو قيل إنهم يراجعون العلماء في فهم ما ذكر ويتبعونهم فيه قلنا هذا على تقدير إمكانه فهو عين التقليد لكنه تقليد في الدليل وهو مستلزم للتقليد في الحكم بأسوإ حال ولعله لذا قال في الذكرى بعد الإشارة إلى قول فقهاء حلب وما ذكروه لا يخرج عن التقليد عند التحقيق وخصوصا عند من اعتبر حجية خبر الواحد لأن للبحث فيه عرضا عريضا انتهى وبالجملة كون الاجتهاد مطلقا أمرا متعسرا بل متعذرا أمر بديهي لا يحتاج إلى بيان ولا يفتقر إلى حجّة وبرهان هذا وتؤيد الحجة على إبطال قول فقهاء حلب فنقول يدل على ذلك مضافا إلى ما ذكر أمران أحدهما أنه لو وجب على العامي الاجتهاد بالنحو الذي حكي عنهم للزم تطرق الفساد العظيم ووقوع الخلل الجسيم والهرج والمرج

592

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 592
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست