responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 589


تناكر وقال بعض الفضلاء المعاصرين الحق جواز التقليد مطلقا سواء كان عامّا بحتا أو عالما بطرق من العلوم للإجماع المعلوم بتتبع حال السّلف من الإفتاء والاستفتاء وتقريرهم وعدم إنكارهم والمدعى في كلماتهم وصرّح بالإجماع السيّد المرتضى وغيره من علماء الخاصة والعامة وقال الآمدي في الإحكام لم تزل العامة في زمن الصحابة التابعين قبل حدوث المخالفين يستفتون المجتهدين ويتبعونهم في الأحكام الشرعية والعلماء منهم يبادرون إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر الدليل ولا ينهونهم عن ذلك من غير نكير فكان إجماعا على جواز اتباع العامي للمجتهد مطلقا وقال العضدي في شرح المختصر لم تزل العلماء يستفتون فيفتون ويتبعون من غير إبداء المستند وشاع وذاع ولم ينكر عليهم فكان إجماعا انتهى لا يقال لا نسلم الإجماع وكيف يسلَّم والحال أن جمعا من أعيان علماء الطَّائفة صاروا إلى عدم جواز التقليد والعمل بقول المفتي ومنهم من صرّح بمنع الإجماع المدعى على ذلك وهو ابن زهرة فإنه قال في الغنية لا يجوز للمستفتي تقليد المفتي لأن التقليد قبيح ولأنّ الطائفة مجمعة على أنه لا يجوز العمل إلا بعلم وليس لأحد أن يقول قيام الدليل وهو إجماع الطائفة على وجوب رجوع العامي إلى المفتي والعمل بقوله مع جواز الخطاء عليه يؤمن من الإقدام على القبيح ويقتضي استناد عمله إلى العلم لأنا لا نسلم إجماعهم على العمل بقوله مع جواز الخطاء عليه كيف وهو موضع الخلاف بل إنما أمروا برجوع العامي إلى المفتي فقط وأما ليعمل بقوله فلا فإن قيل فما الفائدة في رجوعه إليه إذا لم يجز العمل بقوله قلنا الفائدة في ذلك أن يصير له بفتياه وفتيا غيره من علماء الإمامية سبيل إلى العلم بإجماعهم فيعمل بالحكم على يقين يبين صحة ذلك أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز الاستفتاء إلا من إمامي المذهب وإنما خطروا استفتاء من الإمامي لتقليده لم يكن فرق بينه وبين مخالفة الذي لا يؤمن أن يكون فتياه بغير الحق لارتفاع عصمته ولأن مخالفته بجواز أن يفتيه بمطابقة الحق وموافقته فثبت أنهم إنما أمروا برجوع المستفتي إلى فقهاء الإمامية ليحصل لهم العلم بإجماعهم على الحكم فيقطع على صحته انتهى لأنا نقول لا نمنع مخالفة الجماعة بنفسها عن تحقق الإجماع بناء على ما هو التحقيق من أنّ الإجماع لكونه كاشفا عن قول المعصوم عليه السلام لا يشترط فيه اتفاق الكل ومع هذا فقد يمنع من مخالفة الجماعة لبعد مصير مثلهم إلى القول بوجوب تحصيل العلم أو الاجتهاد في فروع الدين لأن فساده في غاية الوضوح ولأن جماعة من محققي أصحابنا كالفاضلين والسيّد عميد الدّين وغيرهم لم ينسبوا القول المذكور إلى أحد من الإمامية ولو كان فقهاء حلب أو نحوهم من صار إليه لاطلعوا عليه ولصرحوا به وتفرّد الشهيد بالاطلاع في غاية الغرابة ولو جمع بين هذا وعدم حكاية من تقدم ذلك بأن فقهاء حلب صاروا إليه ثم عدلوا عنه كان وجيها هذا ومما يؤيّد ما ذكرناه عدم نقل القول المذكور عن الإمامية أو عن بعضهم أحد من الأصوليين من العامة على الظاهر وعده من مطاعنهم كما نسب بعضهم القول بعدم حجية خبر الواحد إليهم وجعلوه من مطاعنهم لأن القول المذكور لو كان للإمامية أو لبعضهم لصحّ عده من المطاعن ولو بزعمهم وبالجملة الإجماع إحدى الحجج على المختار سواء استفدته من السّيرة أو من فتاوى معظم الأصحاب مع دعوى جملة منهم إياه ويمكن استفادته بطريق آخر وهو أن يقال كل من قال بوجوب الاجتهاد على النحو المقرّر في كتب القوم أو بحجية خبر الواحد أو الاستصحاب أو الشهرة أو الاستقراء أو بأصالة حجيّة كلّ ظن قال بجواز التقليد فالفرق خرق للإجماع المركب والأول حق فيكون الثاني حقا أيضا فتأمل وبالجملة الإجماع في هذه المسألة يمكن تقريره بوجوه عديدة وإن كان في بعضها إشكال الثاني أنه لو لم يجز التقليد للعامي لوجب عليه إما تحصيل العلم بالأحكام الشّرعية كما هو خيرة بعض أو الاجتهاد فيها كما هو خيرة آخر والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله أما الملازمة فواضحة وأما بطلان التالي بقسميه فلأن وجوب كلّ من الأمرين مستلزم للحرج العظيم بل للتكليف بما لا يطاق وهما منفيان شرعا وقد تمسّك بهذه الحجة جماعة ففي المعارج لو وجب على العامي النظر في أدلَّة الفقه لكان إما قبل وقوع الحادثة أو عندها والقسمان باطلان أما قبلها فمنفي بالإجماع ولأنه يؤدي إلى استيعاب وقته بالنظر في ذلك فيؤدي إلى الضرر بأمر المعاش المضطر إليه وأما عند نزول الواقعة فذلك متعذر لاستحالة اتصاف كل عامي عند نزول الحادثة بصفة المجتهدين لا يقال هذا لازم في المسائل الاعتقادية مع أنه لا يسوغ فيها التقليد لأنا نقول تلك حصولها سهل بأوائل الأدّلة وهي عقائد مضبوطة وليس كذلك الفقه وحوادثه لانتشارها وانفراد كل مسألة فيها بدليل على حيالها وفي المبادي في مقام الاحتجاج على المختار ولأن ذلك حرج ومشقة إذ تكليف العوام بالاجتهاد في المسائل يقتضي اختلال نظام العالم واشتغال كلّ واحد منهم بالنظر في المسائل عن أمور معاشه وفي التهذيب ولأن الحادثة إذا نزلت بالعامي فإن لم يكن مكلَّفا فيها بشيء فهو باطل بالإجماع وإن كان بغيرها فإن لزمه ذلك حين استكمال عقله فهو باطل إجماعا وإن كان حين حدوث الحادثة لزم تكليف ما لا يطاق وفي النهاية العامي إذا حدث به حادثة كان متعبّدا بشيء للإجماع وليس مجانا إجماعا بل لا بد من طريق وليس البحث والنظر

589

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 589
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست