المعتمد هو الثاني للأصل السليم عن المعارض والمؤيد بعدم تنصيص المعظم من أصحابنا على ذلك الأصل وبعدم ورود رواية تدل عليه لا يقال يدل على الأصل المذكور عموم المنزلة في النبوي علماء أمتي بمنزلة أنبياء بني إسرائيل وقد استدل به في التنقيح على جواز إقامة الحدود للفقهاء في زمن الغيبة واستدل به في الكفاية على إثبات ولاية الحاكم على السفيه فقال ولأن العلماء ورثة الأنبياء وأنهم بمنزلة أنبياء بني إسرائيل ولا شك في ثبوت ذلك للأنبياء فيكون للعلماء أيضا انتهى لأنا نقول هذه الرواية لا تصلح لإثبات الأصل المشار إليه أما أولا فلضعفها سندا وأما ثانيا فلقصورها دلالة لاحتمال أن يراد من علماء الأمة الأئمة المعصومون عليهم السلام بل لا يبعد دعوى ظهوره فيهم لأنهم العلماء حقيقة ولأنه لو أريد غيرهم للزم تخصيص العام هنا إلى الأقل من النصف للقطع بأن أكثر علماء الأمة ليسوا بمنزلة أنبياء بني إسرائيل لا يقال لو كان المراد الأئمة عليهم السلام للزم أن يكون أنبياء بني إسرائيل أفضل منهم عليهم السلام لأن التنزيل يئول إلى التشبيه ولا إشكال في أنه يجب أن يكون المشبه به أقوى وأكمل وبطلان الثاني ظاهر لأنا نقول القوة والضعف يختلفان بالاعتبارات ويكفي في الأقوائية أظهرية اتصاف المشبه به في الصفة التي هي المناط في التشبيه عادة ولذا صح أن يقال أمير المؤمنين عليه السلام هو الأسد ولعل التنزيل هنا من هذا الباب سلمنا أن المراد جميع علماء الأمة ولكن الظاهر من التنزيل التنزيل في الدرجة والجلالة والتنزيل في الدرجة والجلالة والتنزيل إنما يفيد العموم بالنسبة إلى جميع الوجوه حيث لا يتبادر بعضها إلى الذهن وأما معه فلا بل يختص به كما في التشبيه ولا يقال يدل على الأصل المذكور ما تمسك به في التنقيح على جواز إقامة الحدود في زمن الغيبة للفقهاء من النبوي العلماء ورثة الأنبياء قال ومعلوم أنهم لم يورثوا من المال شيئا فيكونون وراثهم في العلم والحكم والأول تعريف المعرف فيكون المراد الثاني وهو المطلوب انتهى وفيه نظر أما أولا فلضعف الرواية سندا بالإرسال وأما ثانيا فلقصورها دلالة لاحتمال أن يكون المراد من العلماء أهل العصمة بل لا يبعد دعوى ظهوره لأنهم العلماء حقيقة ولاحتمال إرادة الوراثة في العلم كما يشهد به بعض الأخبار ففي الحسن كالصحيح عن الصادق عليه السلام أن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر ونحوه خبر أبي البختري المروي عن الكافي عنه عليه السلام مفتاح اعلم أن المعاملة الغير المنهي عنها الصادرة عن البالغين الأصيلين المشتملة على الإيجاب والقبول اللفظيين لا يخلو إما أن تكون مما قام الدليل الشّرعي على صحته أو مما قام الدليل الشرعي على فساده أو مما لم يقم الدليل الشرعي على صحته ولا على فساده فإن كانت من الأولين فالحكم فيها واضح وإن كانت من الثاني فلا بد من الحكم بفسادها نظرا إلى ما قدمناه من أن الأصل في المعاملات الفساد اللهم إلا أن يدعى أن الأصل في خصوص محل الفرض الصحة التفاتا إلى عموم قوله تعالى * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * لأن الأمر بالوفاء لا يتحقق إلا مع الصحة دون الفساد كما صرح به جدي قدس سره فقال لو لم يكن صحيحة شرعا لما أمر بوجوب الوفاء لأنه ظاهر في الإمضاء والتقرير انتهى ويظهر من المقدس الأردبيلي في زبدة البيان والسيوري في كنز العرفان وغيرهما المصير إلى الأصل المذكور للآية الشريفة قال جدي قدس سره إن المدار في تصحيح كثير من المعاملات بل كل المعاملات عليه وقال والدي العلامة دام ظله العالي في الرياض إجماله وعدم التمسك به في شيء مما عدا محل الوفاق مخالف لسيرة العلماء وطريقتهم المسلوكة بينهم بلا خلاف يظهر في ذلك أصلا من جهة استنادهم إليه في محل النزاع والوفاق انتهى وقد يقال الآية الشريفة لا تنهض لإثبات الأصل المذكور لوجوه منها ما ذكره جدي قدس سره فقال إنه تعارف الآن أن العلماء يستدلون على صحة العقود الخلافية بقوله تعالى * ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * ولا يخلو عن إشكال لأنه إن بني على معناه اللَّغوي أي أيّ عقد عاقدتم بأيّ نحو اخترعتم وتخيلتم وأحدثتم يجب الوفاء به ويصير حكما شرعيا وداخلا في دين الرسول صلى الله عليه وآله وشرعا من شرعه من غير حدّ وضبط وحصر فمع أنه لا يخلو عن حزازة ظاهرة يلزم أن لا يكون المعاملات وعقودها على النهج المقرر في الفقه والمسلم عند الفقهاء من انحصارها شرعا في البيع والصلح والهبة والإجارة وغيرها من المعاملات المعهودة المضبوطة المقررة المعروفة المثبتة في كتب الفقه بل يلزم عدم الانضباط شرعا في المعاملات أصلا ورأسا وعدم الانحصار في كيفية ونحو ذلك وإن بني على أنه خرج ما خرج بالإجماع أو النص وبقي الباقي لزم التخصيص الذي لا يرضى به المحققون لخروج الأكثر بل الباقي في جنب الخارج في غاية القلة بل بمنزلة العدم وإن بني على أن المراد العقود المتحققة الموجودة المتداولة في ذلك الزمان يشكل الاستدلال لأنه فرع ثبوت التداول والتعارف انتهى وقد تبعه والدي العلامة دام ظله العالي فيما أشار إليه بقوله وإن بني على أنه خرج ما خرج بالإجماع إلى آخره وفيما أشار إليه بقوله وإن بني على أن المراد العقود المتحققة ومنها ما ذكره بعض الأجلة وقال ومن الظاهر أن وجوب الوفاء إنما يترتب على العقد الصحيح وحينئذ فلا بد أولا من النظر في العقد صحة وبطلانا ليتمكن من ترتب وجوب الوفاء عليه