responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 541


فالاستناد إلى هذا الاستدلال بهذا العموم قبل النظر في العقد كما ذكرنا مجازفة ظاهرة ومنها مصير كثير من المفسرين إلى أن المراد بالآية غير ما يصح معه الاستدلال على صحة المعاملة كما أشار إليه في مجمع البيان فقال اختلفوا في هذه العقود على أقوال أحدها المراد بها العهود التي كانت أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم سوءا وذلك هو معنى الحلف عن ابن عباس ومجاهد وربيع بن أنس وقتادة والضحّاك والسري وثانيها أنها العهود التي أخذ الله سبحانه على عباده بالإيمان به وطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم عن ابن عباس في رواية أخرى قال ما أحل وحرم وما فرض وما حدّ في القرآن كله أي فلا تتعدوا فيه ولا تنكثوه ويؤيّده قوله * ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ الله مِنْ بَعْدِ ) * إلى قوله * ( سُوءُ الدَّارِ ) * وثالثها أن المراد بها العقود التي يتعاقدها الناس بينهم ويعقدها المرء على نفسه كعقد الأيمان وعقد النكاح وعقد العهد وعقد الحلف عن ابن زيد وزيد بن أسلم ورابعها أن ذلك أمر من الله سبحانه لأهل الكتاب من الوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة والإنجيل بتصديق نبينا صلى الله عليه وآله وما جاء به من عند الله عن ابن جريح وأبي صالح وأقوى هذه الأقوال قول ابن عباس أن المراد بها عقود الله التي أوجبها على العباد في الحلال والفرائض والحدود ويدخل في ذلك جميع الأقوال الأخر فيجب الوفاء بجميع ذلك إلا ما كان عقدا في المعاونة على القبيح فإن ذلك محظور بلا خلاف انتهى ويظهر من الكشاف وتفسير الرازي المصير إلى التفسير الثاني ومنها الخبر الذي رواه في الصافي فقال القمي عن الجواد عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله عقد لعلي عليه السلام بالخلافة في عشر مواطن ثم أنزل الله تعالى * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين عليه السلام ومنها أن الخطاب في الآية الشريفة إنما يتوجه إلى المؤمنين ولا يتوجه إلى غيرهم من النساء إلا على قول الشيخ من أن الأصل في نحو الخطاب المزبور الشمول لهن لكنه خلاف التحقيق كما بيّناه وكذا لا يشمل الكفار فلا يمكن التمسك بالآية الشريفة لإثبات صحة العقد الصادر من النساء والكفار ومنها أنه يحتمل أن يكون المراد بالعقود العقود التي صدرت من أولئك المؤمنين قبل نزول الآية الشريفة وربما كان في لفظ الوفاء إشعار بذلك فإنه ربما يفهم من قول زيد لعمرو أوف بوعدك سبق الوعد على زمن الأمر بوفائه ومع هذا يسقط الاستدلال بالآية الشريفة لعدم معلومية تلك العقود فلعلها مما قام الدليل على وجوب الوفاء به بالخصوص ولا يجوز إلحاق غيرها بها لعدم الدليل حينئذ وهو واضح لا يقال المراد بالعقود العقود التي تتحقق بعد زمن الخطاب ومعه يصحّ الاستدلال بالآية الشريفة لأنها حينئذ تشمل جميع ما يمكن أن يصدر منهم ومنه العقد المشكوك في صحته وإذا ثبت في حق أولئك المؤمنين يثبت في حقنا لعدم القائل بالفصل بيننا وبينهم في الأحكام الشرعية ولهذا يدعى أن كلما ظهر من خطاب مختص بالحاضرين يثبت في حق الغائبين لأنا نقول هذا ليس بأولى من الاحتمال السّابق بل هو أولى وذلك لأنه لو حمل العقود على العقود المستقبلة لزم تقييد إطلاق الأمر بالوفاء بصورة وقوعها والحكم بكون الوفاء واجبا مشروطا كالحج بالنسبة إلى الاستطاعة لظهور أن الوفاء بالعقد إنما يجب بعد تحققه لا مطلقا وإلا لوجب تحصيله كما في الطهارة بالنسبة إلى الصلاة وهو باطل جدا ومن الظاهر أن ذلك خلاف الأصل ولا يلزم على تقدير الحمل على العقود الماضية كما لا يخفى فيكون أولى ولا يقال المراد العقود الماضية والمستقبلة معا لأنا نقول هذا خلاف الأصل لما ذكرنا مضافا إلى أنه يلزم أن يكون الأمر بالوفاء بالنسبة إلى العقود الماضية مطلقا وبالنسبة إلى العقود المستقبلة مشروطا فيلزم استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي لأن المتبادر من الأمر الإطلاق وغيره خلاف المتبادر ثم لو سلم أن المراد من العقود العقود التي تتحقق منهم بعد زمن الخطاب فنقول لم يعلم كون العقد المشكوك في صحّته منها فلعلَّه من غيرها نعم لو لم يكن الآمر عالما بالوفاء بما يتحقق بعد زمن الخطاب من العقود كان أمره بالوفاء بالعقود دليلا على صحة جميع العقود إذ لو كان بعضها فاسدا مع احتماله لصدوره عن المخاطبين يلزم الإغراء بالجهل والقبيح وهو باطل ولكن الآمر بالوفاء بالعقود هو الله سبحانه وهو عالم بالماضي والمستقبل على حد واحد فلا يلزم ذلك إذ يجوز للحكيم أن يعلَّق الحكم المختص ببعض أفراد العام على اللفظ إذا كان عالما بأن المخاطب لا يقدر على ما لا يجوز فيه ذلك ألا ترى أنه لو قال السيّد لعبده أكرم أولادي ومقصوده إكرام طائفة منهم ولم ينصب قرينة على تعيينهم كان ذلك منه صحيحا إذا كان عالما بأن المأمور لا يقدر إلا على إكرام من هو مقصوده ومنها أن المفهوم من قوله تعالى * ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * وجوب الوفاء بمدلول العقد ومضمونه وهو غير ممكن في كثير من عقود المعاملات لأن مضمونها ليس إلا النقل والانتقال والتمليك والتملك وهو مما لا يمكن الوفاء به لأن المفهوم من الوفاء عرفا هو الإتيان بالشيء الملتزم به والموعود به وهو غير ممكن التحقق فيما ذكر كما لا يخفى فينبغي تخصيص العقود بالعقود التي مضمونها الوعد بفعل في المستقبل فلا يمكن أن يجعل الآية الشريفة أصلا في المعاملات ومنها أن العقد حقيقة في نحو عقد الحبل فاستعماله هذا الأمر القلبي مجاز وعليه يجب حمل العقود على كلما

541

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست