responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 514


من التّعريف يعني من لم يعرفه اللَّه شيئا من المعارف والأحكام بإرسال الرّسول وإنزال الكتاب إذ التّعريف الأوّلي وقع عند الأخذ بالميثاق لا يستقلّ بالمؤاخذة كما قال اللَّه سبحانه * ( وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) * هل عليه شيء من العقائد والأحكام أو من المؤاخذة والآثام قال لا لأن التّكليف في التّأثيم إنما يكون بعد التّعريف وفيه دلالة واضحة على أن من لم تبلغه الدّعوة ومن يحذو حذوهم لا يتعلق به التكليف أصلا أمّا بالمعارف فلأنها من اللَّه تعالى كما عرفت وأمّا بالأحكام فلأنها إنما يستفاد من البيان النّبوي صلى الله عليه وآله وفي بعض الرّوايات دلالة على أنه يتعلَّق بهم نوع آخر من التّكليف في الآخرة للامتحان والاختبار ليكمل الحجة عليهم انتهى وقد يقال إن غاية ما يستفاد من الرّواية أن من لم يعرف شيئا من مسائل الدّين الأصوليّة والفروعية لا شيء عليه لا أن كلّ من شكّ في وجوب فعل أو حرمته بعد إقراره بالإسلام وانقياده إليه ومعرفته لكثير من الأحكام الفقهية لا شيء عليه ومحل البحث الأخير لا الأول ولو سلَّم كون الأول من جملة محلّ البحث فنقول إنّ الرّواية على هذا التقدير إنما تدل على حجّية أصالة البراءة بالنّسبة إلى بعض جزئيات محلّ البحث لا جميعها فيكون الدّليل أخص من المدعى وتتميمه بالإجماع المركب مشكل كما لا يخفى وبالجملة التّمسك بالرّواية لإثبات حجّية أصالة البراءة والإباحة بالمعنى المتعارف بين الفقهاء مشكل إلا أن يدعى أن المراد من قوله عليه السّلام من لم يعرف شيئا السلب الجزئي لا الكلَّي وحينئذ ربّما اتجه الاستدلال بالرّواية على ذلك ولكن هذه الدّعوى خلاف الظاهر ومع هذا فيمكن قراءة صيغة يعرف بصيغة المبني للفاعل بل هو الأصل وعليه يكون المستفاد من الرّواية أنّ غير ذوي العقول كالحيوان لا شيء عليه إذ هو الَّذي لا يعرف شيئا وهو معنى صحيح لا بأس بالتنبيه عليه كما لا يخفى وحينئذ لا يكون للرّواية ربط بالمدعى أصلا ورابعها ما تمسّك به في الوافية وشرحها للسّيّد صدر الدّين وجدي في الرسالة وغيرها من خبر حريز الَّذي وصفه بالصّحة في الوافية وغيره عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله رفع عن أمّتي تسعة الخطاء والنّسيان وما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما لا يعلمون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتّفكر والوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة الحديث وروي في البحار قريب من هذا عن مولانا الصّادق عليه السّلام فقال قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام رفع عن أمتي هذه ستة الخطاء والنّسيان وما استكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطرّوا إليه قال بعض هؤلاء الجماعة دلالة هذا الحديث على رفع المؤاخذة الأخروية عن الجاهل بالوجوب والحرمة لو فعله ظاهرة وهذا معنى الإباحة الشرعية لا يقال قوله صلَّى اللَّه عليه وآله رفع عن أمتي ما لا يعلمون يحتمل أمورا منها أنه رفع عن مجموع الأمة ما لا يعلمون يعني أنه لا يمكن فرض تحقق الجهل بأمر من أمور الدّين في الأمة بل فيهم من يعلم جميع أمور الدّين وهذا حقّ إذ من الأمة الإمام عليه السّلام وهو ممن لا يمكن أن يفرض في حقّه الجهل بأمر من أمور الدين ولا ينافي هذا ثبوت الجهل بذلك لكثير من الأمة لأن الرّفع من المجموع لا يستلزم الرفع عن الجميع وعلى هذا يصحّ حمل قوله صلَّى اللَّه عليه وآله رفع عن أمّتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتفكر والوسوسة على ظاهره ولا يحتاج إلى إضمار لأن الإمام عليه السلام الذي هو من الأمة لا يتّصف بشيء من ذلك ومنها أنه رفع عن كلّ واحد من الأمة ما لا يعلمه جميعهم ومنها أنه رفع عن كلّ واحد من الأمة ما لا يعلمه وإن علمه غيره من الأمة ومن الظاهر أن الاستدلال بالرّواية على المطلوب إنّما يتجه على الاحتمال الأخير لا على الأوّلين وحيث لم يكن دليل على تعيين إرادته لم يجز التمسّك بها على أن الحمل على الاحتمال الأوّل لعلَّه أولى إذ معه لا يلزم ارتكاب الإضمار ولا تخصيص الأمة بغير الإمام عليه السّلام لأنا نقول الظاهر من الرّواية هو الاحتمال الأخير والاحتمالان الأولان باطلان أمّا أولهما فلأنه يستلزم تخصيص الأمّة بالإمام عليه السلام عند التّحقيق وهو بعيد في الغاية ومع هذا فلا يكون ما ذكر في الرواية مخصوصا بأمّته صلَّى اللَّه عليه وآله على هذا التقدير لتحققه بالنّسبة إلى الأمم السّابقة لأن أوصياء الأنبياء السّابقين معصومون أيضا لا يتحقق فيهم ما ذكر في الرّواية فيمكن أن يقال رفع عن مجموع أمّة موسى عليه السّلام مثلا جميع ما ذكر في الرّواية ومن الظاهر أنّ المقصود في الرواية بيان ما يمتاز به أمّته صلَّى اللَّه عليه وآله عن سائر الأمم والامتنان عليهم به وأيضا لا نسلَّم عدم تحقق بعض ما ذكر في الرّواية في الإمام عليه السلام لأنّ الإكراه والاضطرار يمكن فرضها بالنّسبة إليه فيلزم ارتكاب الإضمار في الرّواية على هذا التقدير أيضا فلا يمكن ترجيحه بعدم استلزامه الإضمار كما لا يخفى بل يجب الحكم بمرجوحيته لاستلزامه الإضمار والحمل على الكلّ المجموعي المخالف للظاهر هذا والظَّاهر أن الاحتمال المذكور مما لم يذهب إليه المحققون من الأصوليّين على الظاهر لاتفاقهم على لزوم التّأويل في الرّواية وإنّما اختلفوا في جهة التّأويل كما لا يخفى على من سبر كتبهم وأما ثانيهما فلأنه مما لم يذهب إليه أحد على الظاهر مع منافاته للامتنان المقصود في الرّواية كما لا يخفى وبالجملة لا إشكال

514

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 514
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست