responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 134


قلناه فانظر إلى نفسك إذا كنت جالسا في مجلسك و دخل عليك رجل عزيز حقيق بالقيام و التواضع ففي حال دخوله قمت له إجلالا و إعظاما كما هو الجاري في رسم العادة فهل يجب عليك أن تتصور في بالك أقوم تواضعا لفلان لاستحقاقه ذلك قربة إلى اللَّه تعالى و إلَّا لكان قيامك له من غير هذا التصوير خاليا من النية فلا يسمّى تواضعا و لا يترتب عليه ثواب و لا مدح أم يكفي مجرد قيامك خاليا عن هذا التصوير و أنّه واقع بنيّة و قصد على جهة الإجلال و الإعظام الموجب للمدح و الثواب و من المقطوع به أنك لو تكلَّفت تخيل ذلك بجنانك و ذكرته لكنت سخرية لكلّ سامع و مضحكة في المجامع و هذا شأن النيّة في الصّلاة فإن المكلَّف إذا دخل عليه وقت الظهر مثلا و هو عالم بوجوب ذلك سابقا و عالم بكيفيته و كميته و كان الغرض الحامل له على الإتيان به الامتثال لأمر اللَّه تعالى ثم قام من مكانه و سارع إلى الوضوء ثم توجّه إلى مسجده و وقف في مصلاه مستقبلا و أذّن و أقام ثم كبّر و استمر في صلاته فإن صلاته صحيحة شرعيّة مشتملة على النية و القربة و إن أردت مزيد إيضاح لمعنى النيّة فاعلم أن النيّة المعتبرة مطلقا هي عبارة عن انبعاث النفس و ميلها و توجهها إلى ما فيه غرضها و مطلبها عاجلا و آجلا و هذا الانبعاث و الميل إذا لم يكن حاصلا لها قبل فلا يمكنه اختراعه و اكتسابه بمجرّد النطق باللَّسان أو تصوير تلك المعاني بالجنان هيهات هيهات بل ذلك من جملة الهذيان مثلا إذا غلب على قلب المدرس أو المصلي حب الشهرة و حسن الصّيت و استمالة القلوب إليه لكونه صاحب فضيلة أو كونه ملازم العبادة فكان ذلك هو الحامل له على تدريسه أو عبادته فإنه لا يتمكن من التدريس أو الصّلاة بنيّة القربة أصلا و إن قال بلسانه أو تصوّر بجنانه أصلي و أدرّس قربة إلى اللَّه و ما دام لم يتحول عن تلك الأسباب الأوّلة و ينتقل عن تلك الدّواعي السّابقة إلى غيرها مما يقتضي الإخلاص له تعالى فلا يتمكن من نية القربة بالكلية و مما يعضد ما ذكرناه في معنى النيّة وجوه الأول لزوم الحرج العظيم في إحضار الصّورة بالبال و كفي بذلك شاهدا وقوع كثير من النّاس في شبكة الخناس و ابتلائهم بالوسواس حتى أن منهم من يلتجئ في تحصيل الاطمئنان إلى التصريح و تكرار اللَّفظ و مع ذلك لا يطيب نفسه بل قد يتمنى رمسه الثاني خلوّ فتاوى السّلف و الأخبار المتضمّنة لبيان العبادات عن ذكر النيّة و ليس ذلك لعدم وجوبها بل لسهولة أمرها و الإشارة إلى أن النيّة في العبادات كالنيّة في سائر الأفعال الاختيارية و بهذا اعتذر عنهم في الذكرى و المدارك و الحبل المتين الثالث أن القائل بالإحضار يلزمه القول بالاستدامة الحكمية الخارجة عن حقيقة النيّة و لا كذلك القائل بالدّاعي و قد أشرنا سابقا إلى أن الاستدامة الحكمية يدفعها الشواهد العقلية و النقلية الرابع أن القائل بالإحضار إن أراد إحضار جميع أجزائها مفصّلة واحدة و القصد إلى إيقاعه فهو محال و إن أراد تدريجا ثم القصد إليه فليس المنوي بتمامه حاضرا عند القصد فلا فائدة في قبلية الاستحضار و إذ قد تحقق أن النيّة ليست إلَّا الدّاعي فاستدامتها فعلا لا عسر فيها و الذّهول إذا كان بحيث لو راجع نفسه لاستشعر لا ينافيها و توضيح ذلك أن النيّة لما كانت عبارة عن القصد إلى الفعل بعد تصوير الدّاعي و الحامل عليه و الظاهر قاضية بما نجده في سائر أفعالنا بأنّه قد يعرض لنا مع الاشتغال بالفعل الغفلة عن ذلك القصد و الداعي في أثناء الفعل بحيث إنا لو راجعنا إلى وجداننا لرأينا النفس باقية على ذلك القصد الأول و مع ذلك لا نحكم على أنفسنا و لا يحكم علينا غيرنا بأن ما فعلناه وقت الذهول و الغفلة بغير نية و قصد بل من المعلوم أنّه أثر ذلك القصد و الدّاعي السابقين كان الحكم في العبادة كذلك إذ ليس العبادة إلَّا كغيرها من الأفعال الاختيارية للمكلف و النيّة ليست إلَّا عبارة عما ذكرنا و قد صرّح بما ذكر المحقق الخونساري كما عن صدر الدّين الشيرازي في شرحه على الكافي و على هذا لا يجب المقارنة بمعنى ما ذكروه نعم يشترط بقاء الدّاعي مفتاح إذا تعلق أمر الشارع بفعل كما إذا قال صل ركعتين فلا إشكال في كون المكلف مخيّرا في الإتيان بأي فرد من أفراد ذلك المأمور به و كذا لا إشكال في أنّه يتعين عليه الإتيان بذلك و لا يجوز الحكم بكون شيء آخر كالعتق مثلا يقوم مقامه و يكون مخيرا بين ذلك المأمور به و ذلك الشيء ما لم يقم من الشرع دليل على التخيير و قد صرّح بذلك في مجمع الفائدة و الذخيرة و جامع المقاصد لأن الأصل بقاء اشتغال الذّمة و عدم براءته بالإتيان بغيره و لأن تخصيص شيء بالبدلية ترجيح بلا مرجح و دعوى كون كلّ شيء بدلا باطل قطعا و لأن الأصل عدم اتصاف ذلك الشيء بالوجوب و لأن المعهود من سيرة الأصحاب بل و من سيرة جميع العقلاء ذلك و لدعوى الاتفاق عليه في الذخيرة و إنما الإشكال في دلالة الخطاب على ذلك التعيين و قد اختلف فيها الأصحاب فالظاهر من جماعة منهم السيوري في كنز العرفان و المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة و الفاضل الخراساني في الرّسالة الَّتي ألَّفها في صلاة الجمعة و صاحب المعالم أنّه يدل عليه بالدلالة اللَّفظية و أن الأمر يدل على الوجوب العيني المتضمن للشرط كما أن الخطاب يدل على نفي الحكم عن غير المنطوق

134

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست