responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 133


الاستمرار على ذلك الوجه المطلوب شرعا و يتحقق بعدم نية تنافي الأول فمتى لم يحصل نيّة مخالفة حصل له ما نواه أولا للامتثال فلا تفتقر إلى العزم لعدم الدليل عليه و قد نبه على هذا الرّد الشهيد الثاني في روض الجنان و المقاصد العلية و المحقق الخونساري في المشارق و الفاضل الخراساني في الذخيرة و ثانيا بأنه لو كان مقتضى الأصل ذلك لكان اللازم تجديد النيّة و العزم حيثما يتمكن لا الاكتفاء بالبدل مطلقا و ثالثا بأن ذلك مستلزم لبطلان عبادة الذاهل و قد عرفت دعوى الإجماع على صحتها و لا يعارضها الإجماع المحكي في الغنية لاعتضاده هنا بموافقة الأكثر مع إمكان تنزيل عبارة الغنية كالسرائر على ما هم عليه و هو غير بعيد و رابعا بأنّ ما فسّر به الاستدامة الحكميّة هو بعينه معنى الاستدامة الفعلية التي نفاها أولا إذ هي عبارة عن العزم المخصوص و في الجميع نظر أمّا الأول فلأنه إنما اعتبر النيّة فيه لكونه عبادة لأن العمل لا يتصف بكونه عبادة إلَّا بها فإن نفس العمل يحتمل وجوها و لا يتشخص إلَّا بها فكان السّبب التام في التمييز هو النّيّة و هذه العلَّة لا بد و أن تكون مستصحبة إلى الآخر و إلَّا فلا يمكن صرف العمل الواقع في الأثناء إلى كونه عبادة و لذا لو نسي عما نواه أولا بحيث لو راجع وجدانه لما خطر بباله يحكم بالفساد و لو كان مجرّد عدم نيّة الخلاف مؤثرا في صيرورته عبادة لما وجبت المقارنة و جاز الاكتفاء بالنّيّة المتقدّمة إذا لم يلحقها نية الخلاف إلى الآخر و هم لا يقولون به و بالجملة من تأمل و أنصف وجد أنّ الأدلَّة العقلية و النقلية متوافقة الدلالة على الاستدامة الفعلية و العجب من الأصحاب حيث نفوا وجوبها باعتبار الجرح مع أن العمدة في وجوب النيّة في العبادات هو البرهان القطعي و أمّا الثّاني فلإجماعهم على عدم لزوم تجديد أصل النيّة بل يكفي الاستدامة الحكمية و إنما الخلاف في تفسيرها و لو لا الإجماع على ذلك لكان لازما و أمّا الثالث فللمنع من كون الذّاهل غيرنا و سلمنا و لكن هذا إنما يتجه لو كان مراد الشهيد استمرار العزم من الأول إلى الآخر و أمّا إذا كان المراد تجديد العزم حيثما يتذكر كما يشهد به قواعده فذكر إلى آخره فلا إيراد عليه أصلا و أمّا الرابع فلأن المراد بالاستدامة الفعلية هو العزم على الفعل مع سائر الخصوصيات المعتبرة فيه و لا كذلك الاستدامة الحكمية المفسرة بالعزم على الفعل على الوجه الَّذي قصد إجمالا لا تفصيلا كما في النيّة سلمنا و لكن إنما يلزم لو كان المراد استمرار العزم لا تجديده و اعلم أنّ الشهيد بنى الخلاف في هذه المسألة على مسألة حكميّة و هي أن بقاء الممكن هل يحتاج إلى علة كأصل وجوده أو لا فإن كان الأول كان اللازم ما ذكره و إن كان الثاني كان الحق ما ذكروه و ردّه جماعة من الأصحاب أمّا أولا فبأن النية من أسباب الشرع و هي علامات و معرفات لا علل حقيقية فيمكن القول بعدم استغناء الباقي عن المؤثر مع عدم اشتراط الاستدامة مطلقا فضلا عن الاكتفاء بالحكميّة و أمّا ثانيا فبأنّ اللَّازم من الاحتياج إلى المؤثر وجوب إحضار النيّة بجميع مشخصاتها لا العزم المذكور فإنه غير الموجود الأوّل و غير مستلزم له و إن دخل ضمنا لكن الدلالة المتضمّنة ملغاة في هذه الأحكام و نظائرها و أمّا ثالثا فبأنّ الباقي و هو الوضوء حدوثه تدريجي يحدث شيئا فشيئا و مثل هذا الباقي لا بدّ له من سبب إلى آخر وجوده على القولين و التّحقيق أن اللازم هو استدامة النيّة فعلا حتى الفراغ و لا عسر فيه نعم إنما يلزم لو كانت النيّة عبارة عن الحديث النفسي و التصوير الفكري بمعنى إحضار عمله مع مميزاته من وجوب أو ندب أو نحو ذلك بالبال كما يستفاد من كلام أكثر المتأخرين من أصحابنا و ذلك لامتناع توجّه النّفس إلى إحضار المنوي كذلك و إلى الاشتغال بالحركات و السّكنات اللازمتين فيه إذ ما جعل اللَّه لرجل من قلبين في جوفه كما نطق به الكتاب العزيز و لذا التجئوا إلى القول بالاستدامة الحكمية الخارجة عن حقيقة النيّة و إلى القول بوجوب المقارنة و هذا القول ضعيف بل النية عبارة عن الدّاعي إلى الفعل كما عليه المحقق الخونساري و الفاضل البهائي و المقدس الأردبيلي و جدّي رحمه الله و والدي دام ظله و غيرهم إذ لا يخفى على المتأمل أنه ليست النيّة بالنّسبة إلى العبادات إلَّا كالنية بالنسبة إلى غيرها من سائر أفعال المكلف من قيامه و قعوده و أكله و شربه و ضربه و ذهابه و إيابه و تعقيبه و تسبيحه و تهليلة و تمجيده و قراءته و مناجاته و شكايته و محاكاته و نحو ذلك و لا ريب أن كلّ عاقل غير غافل و لا ذاهل لا يصدر عنه فعل من هذه الأفعال إلَّا مع قصد و نية سابقة عليه ناشئة من تصوير ما يترتب عليه من الأغراض الباعثة عليه و الأسباب الحاملة له على ذلك الفعل بل هو أمر طبيعي و خلق جبلي لو أراد الانفكاك عنه لم يتيسر له إلَّا بتحويل النّفس عن تلك الدّواعي الموجبة و الأسباب الحاملة و لهذا قال بعض من عقل هذا المعنى من الأفاضل فيما حكي عنه لو كلفنا العمل بغير نية لكان تكليفا بما لا يطاق و مع هذا لا ترى المكلف في حال إرادة فعل من هذه الأفعال لا يحصل له عسر في النية و لا إشكال و لا وسوسة و لا فكر و لا ملاحظة مقارنة و لا غير ذلك و إن أردت مزيد إيضاح لما

133

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست