التكليف ، فكان موردا للاشتغال لا البراءة . وفيه ان الإطاعة ليست إلا عبارة عن الاتيان بما امر به المولى بجميع قيوده مضافا إلي المولى وقد ذكرنا مرارا ان حكم العقل عبارة عن ادراكه ، فهو يدرك حسن الإطاعة ، وانها موجبة لاستحقاق الثواب ، وتركها موجب لاستحقاق العقاب وليس له ان يحكم باعتبار شئ في متعلق امر المولى ، مع عدم كونه مأخوذا فيه شرعا ، إذ العقل ليس مشرعا يزيد شيئا في المأمور به أو ينقص منه ، فلنا جزم بأنه لا يعتبر في الطاعة إلا الاتيان بما أمر به المولى بجميع قيوده مضافا إليه . وأما كون الانبعاث من بعث المولى لا عن احتماله فغير معتبر فيها جزما . ومع التنزل والشك كان المرجع هو البراءة لا الاشتغال ، على ما هو الصحيح في دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطين . هذا على القول بكون قصد القربة وما يرجع إليه معتبرا شرعا واختاره المحقق النائيني ( ره ) . واما على القول بكونه عقليا ، كما هو المختار لصاحب الكفاية ( ره ) فالشك في اعتبار شئ يرجع إلى قصد القربة ، وإن لم يكن مجرى للبراءة ، إلا أنه يستكشف عدم اعتباره من عدم البيان ، لكونه مما يغفل عنه نوع المكلفين . فعلى تقدير الاعتبار كان على المولى البيان والتنبيه عليه ، فمع عدم البيان يستكشف عدم اعتباره لا محالة . فتحصل ان الصحيح في هذه المسألة أيضا كفاية الامتثال الاجمالي والآتيان بما يحتمل وجوبه رجاء ، كما هو المشهور . ومما ذكرنا ظهر الحال في موارد احتمال تكليف ضمني ، وانه لا مانع من الاحتياط والآتيان بما يحتمل كونه جزء للمأمور به رجاء سواء علم رجحانه اجمالا كما تقدم أو لم يعلم كما هو الآن محل الكلام . نعم لابد من عدم احتمال المانعية ، إذا لو دار الامر بين كون شئ شرطا للمأمور به أو مانعا عنه ، كان الاحتياط فيه مستلزما للتكرار ، وخرج عن الفرض ، كما أن محل كلامنا في التكليف