ذهب المحقق النائيني ( ره ) إلى سقوطها للمعارضة بالأصل الجاري في الطرف الآخر ، وإن كان واحدا ، فالتزم بعدم جواز شرب الماء في المثال ، لعدم المؤمن من احتمال العقاب عليه . ولكن التحقيق جريانها وعدم معارضتها بأصالة الطهارة في الطرف الآخر وذلك لما عرفت من أن العلم الاجمالي بالتكليف لا يوجب تنجز الواقع ، الا بعد تساقط الأصول في أطرافه ، فإذا كان الأصل الجاري في الطرفين من سنخ واحد كاصالة الطهارة في المثال المذكور ، فلا مناص من القول بعدم شموله لكلا الطرفين لاستلزامه الترخيص في المعصية ولا لأحدهما ، لأنه ترجيح بلا مرجح . واما الأصل الطولى المختص بأحد الطرفين ، فلا مانع من شمول دليله للطرف المختص به ، إذا لا يلزم منه ترجيح من غير مرجح ، لعدم شمول دليله للطرف الآخر في نفسه . ( وبعبارة أخرى ) ان دليل أصالة الطهارة - بعد العلم بعدم شموله لكلا الطرفين على ما تقدم بيانه - نعلم بتخصيصه ، فلابد من رفع اليد عنه . إما في كلا الطرفين أو في أحدهما . وحيث إن الثاني مستلزم للترجيح بلا مرجح ، فتعين الأول . واما دليل أصالة الحل ، فهو بعمومه لا يشمل الا أحد الطرفين من أول الامر ، فلا موجب لرفع اليد عنه . وهذا أحد الموارد التي يرجع فيها إلى الأصل المحكوم بعد سقوط الأصل الحاكم ، ونظير ذلك في الفروع الفقهية كثير منها ما لو علم بنجاسة شئ في زمان وطهارته في زمان آخر ، وشك في المتقدم منهما ، فإنه بعد تساقط الاستصحابين بالمعارضة يرجع إلى قاعدة الطهارة . ومنها ما إذا علم حلية شئ في زمان وحرمته في زمان آخر ، وشك في المتقدم منهما ، فإنه بعد تساقط الاستصحابين يرجع إلى أصالة الحل ، إلى غير ذلك من الموارد التي يرجع فيها إلى الأصل المحكوم ،