ما ذكره واضح ، لأن الدليل الذي لا يجري الأصل مع وجوده هو الدليل على الحكم الواقعي ، والدليل المذكور في كلامه هو الدليل على البراءة التي هي من الأصول العملية ، لا الدليل على الحكم الواقعي ليتقدم على الاستصحاب ، بل دليل الاستصحاب يخرج مورد جريانه عما لا يعلم حرمته ، ويدرجه في معلوم الحرمة ومعه كيف يمكن التمسك بدليل البراءة . ( التنبيه الثاني ) لا إشكال في حسن الاحتياط في الواجبات التوصلية ، فان المقصود فيها تحقق ذات العمل ، فالاحتياط فيها نوع من الانقياد للمولى ، وكذا الحال في العبادات فيما إذا أحرز أصل الرجحان ، وتردد الفعل بين الواجب والمندوب ، فان الاحتياط ممكن باتيان العمل بداعي امره الواقعي . والاشكال فيه - من ناحية قصد الوجه - مندفع ( أولا ) - بأنه غير معتبر كما حقق في محله . و ( ثانيا ) بأنه على تقدير التسليم مختص بصورة الامكان ، وأما إذا لم يحرز الرجحان ودار الامر بين الوجوب والإباحة ، فلا يمكن إحراز محبوبية العمل ، فإنه إن اتي به بداعي الامر كان تشريعا ، وان اتى به بغير ذاك الداعي فلم يأت بالعبادة المقيدة بقصد الامر ، ومن هنا ربما يستشكل في جريان الاحتياط في هذا النوع من العبادات ، وتوهم - انه يستكشف ثبوت الامر من حكم العقل بحسن الاحتياط بقاعدة الملازمة أو بنحو الان - مدفوع ، بان حكم العقل بحسن الاحتياط لا يثبت موضوعه وامكان الاحتياط ، فان حكم العقل والشرع جاريان على نحو القضايا الحقيقية وبيان للكبرى فقط ، ولا تعرض لهما لبيان الصغرى وتحقق الموضوع خارجا .