و ( بعبارة أخرى ) الوجوب التكليفي وان لم يكن محتملا في المقام ، الا ان الوجوب الشرطي - المترتب عليه عدم جواز الاتيان بالفاقد للشرط بداعي الامر - مشكوك فيه ، فصح رفعه ظاهرا بحديث الرفع . ومما استدل به على البراءة قوله عليه السلام : ( ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ) وتوهم اختصاصه بالشبهة الموضوعية - بقرينة السياق على ما تقدم بيانه عند الاستدلال بحديث الرفع - غير جار هنا ، إذ لم يذكر فيه الا موصول واحد كما ترى . وتوهم ان شموله للشبهة الحكمية والموضوعية مستلزم لاستعمال لفظ الموصول في معنيين ، مندفع بما تقدم في الاستدلال بحديث الرفع ولا حاجة إلى الإعادة . وقد يستشكل هنا بأن ظاهر اسناد الحجب إلى الله سبحانه وتعالى هي الاحكام التي لم يبينها الله تعالى لأجل التسهيل والتوسعة على الأمة ، أو لأجل مانع من البيان مع وجود المقتضى لها ، فيكون مفاد هذا الحديث هو مفاد قوله عليه السلام : ( اسكتوا عما سكت الله عنه ) و ( بالجملة ) ظاهر هذا النوع من الاخبار ان المصلحة الإلهية قد اقتضت اخفاء عدة من الاحكام إلى زمان ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه . ولعل هذا المعنى هو المراد مما ورد في بعض الروايات من أنه عليه السلام يأتي بدين جديد . وعليه فلا يرتبط هذا الحديث بالمقام من الاحكام التي لم يحجب الله تعالى علمه عن العباد ، بل بينها بلسان نبيه وأخفاها الظالمون . وهذا الاشكال أيضا مدفوع بأن الموجب لخفاء الاحكام التي بينها الله تعالى بلسان رسوله صلى الله عليه وآله وأوصيائه ( عليهم السلام ) وان كان هو الظالمين ، إلا أنه تعالى قادر على بيانها بأن يأمر المهدي عليه السلام بالظهور وبيان تلك الأحكام ، فحيث لم يأمره بالبيان لحكمة لا يعلمها إلا هو ، صح اسناد الحجب إليه تعالى . هذا في الشبهات الحكمية . وكذا الحال في الشبهات الموضوعية ، فان الله تعالى