حروفا . هذا أولا . وثانيا : أن ما هو المشهور من أن المعنى الحرفي ملحوظ آلة لا أصل له ، وذلك لأنه لا فرق بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي في ذلك ، إذ كما أن اللحاظ الاستقلالي والقصد الأولي يتعلقان بالمعنى الاسمي في مرحلة الاستعمال كذلك قد يتعلقان بالمعنى الحرفي ، فإنه هو المقصود بالإفادة في كثير من الموارد ، وذلك كما إذا كان ذات الموضوع والمحمول معلومين عند شخص ، ولكنه كان جاهلا بخصوصيتهما فسأل عنها فأجيب على طبق سؤاله ، فهو والمجيب إنما ينظران إلى هذه الخصوصية نظرة استقلالية . مثلا : إذا كان مجئ " زيد " معلوما ولكن كانت كيفية مجيئه مجهولة عند أحد فلم يعلم أنه جاء مع غيره أو جاء وحده فسأل عنها ، فقيل : إنه جاء مع عمرو فالمنظور بالاستقلال والملحوظ كذلك في الإفادة والاستفادة في مثل ذلك إنما هو هذه الخصوصية التي هي من المعاني الحرفية ، دون المفهوم الاسمي فإنه معلوم ، بل إن الغالب في موارد الإفادة والاستفادة عند العرف النظر الاستقلالي والقصد الأولي بإفادة الخصوصيات والكيفيات المتعلقة بالمفاهيم الاسمية . القول الثاني : إن الحروف لم توضع لمعنى ، وإنما وضعت لتكون علامة على كيفية إرادة مدخولاتها نظير : حركات الإعراب التي لم توضع لمعنى ، وإنما وضعت لتكون قرينة على إرادة خصوصية من خصوصيات مدخولها من الفاعلية والمفعولية ونحوهما . فكما أن كل واحد من حركات الإعراب يفيد خصوصية متعلقة بمدخوله فإن " الفتحة " تفيد خصوصية في مدخولها ، " والكسرة " تفيد خصوصية أخرى فيه ، " والضمة " تفيد خصوصية ثالثة فيه ، فكذلك كل واحد من الحروف . فإن كلمة " في " تفيد إرادة خصوصية في مدخولها غير ما تفيده كلمة " على " من الخصوصية ، وهكذا . . . ، من دون أن تكون لها معان مخصوصة قد