العقلي ، فإذا كان هذا تلبسا وقياما بنظر العقل ، بل كان من أتم مراتبه لم يضر عدم إدراك أهل العرف ذلك . وعليه فلا وجه لما التزم به في الفصول من النقل في الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليه من المعنى ، كيف ؟ فإن هذه الصفات لو كانت بغير معانيها جارية عليه تعالى : فإما أن تكون صرف لقلة لسان وألفاظا بلا معان فإن غير هذه المفاهيم العامة غير معلوم لنا إلا ما يقابل هذه المعاني العامة ويضادها ، وإرادته منها غير ممكنة . والتحقيق في المقام يقتضي التكلم في جهات ثلاث : الأولى : في اعتبار المغايرة بين المبدأ والذات في المشتقات حقيقة وذاتا ، أو تكفي المغايرة اعتبارا أيضا . الثانية : في صحة قيام المبدأ بالذات فيما إذا كانا متحدين خارجا . الثالثة : أنه على تقدير الالتزام بالنقل في صفاته العليا هل يلزم أحد المحذورين المتقدمين أم لا ؟ أما الكلام في الجهة الأولى : فقد تقدم أنه يعتبر في صحة حمل شئ على شئ التغاير بينهما من ناحية ، والاتحاد من ناحية أخرى . وأما بين الذات والمبدأ فلا دليل على اعتبار المغايرة حتى مفهوما فضلا عن كونها حقيقة ، بل قد يكون مفهوم المبدأ بعينه هو مفهوم الذات ، وبالعكس كما في قضية الوجود فهو موجود والضوء مضئ ، وهكذا . . . ، فالمبدأ في الموجود هو الوجود ، وفي المضئ هو الضوء ، فلا تغاير بين المبدأ والذات حتى مفهوما . وعلى الجملة : فالمبدأ قد يكون عين الذات خارجا وإدراكا ، بل إطلاق العنوان الاشتقاقي عليها - حينئذ - أولى من إطلاقه على غيرها وإن كان خارجا عن الفهم العرفي ، مثلا : إطلاق الموجود على الوجود أولى من إطلاقه على غيره ، لأنه موجود بالذات ، وغيره موجود بالعرض .