منهما : أن كل شخص فرض متلبسا بالزنا أو السرقة فهو محكوم عليه بجلده أو بقطع يده ، فالمشتق في كلتا الآيتين استعمل في المتلبس ، وهو تمام الموضوع للحكم المذكور فيهما ، وقد ذكرنا [1] غير مرة أن الموضوع في القضايا الحقيقية لا بد من أخذه مفروض الوجود في الخارج . ومن هنا ترجع كل قضية حقيقية إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع ، وتاليها ثبوت الحكم له ، فالموضوع في الآيتين كل إنسان فرض متلبسا بالزنا أو السرقة في الخارج ، فعنوان الزاني أو السارق مستعمل فيمن تلبس بالمبدأ . غاية ما في الباب : أن زمان القطع والجلد متأخر في الخارج عن زمن التلبس بأحد المبدأين المزبورين ، فإنهما يتوقفان على ثبوت التلبس بأحدهما عند الحاكم بأحد الطرق المعتبرة : كالبينة أو نحوها . فقد تحصل : أن الاستعمال في المنقضي في القضايا الحقيقية غير معقول ، بل يكون الاستعمال دائما في المتلبس . وعلى هذا الضوء يظهر فساد ما ذكره بعضهم : من أن المشتق في الآيتين وما شاكلهما استعمل فيمن انقضى عنه المبدأ ، وفي ذلك دلالة على أن المشتق وضع للأعم . كما أنه يظهر بذلك : أنه لا وجه لما أفاده المحقق صاحب الكفاية ( قدس سره ) في مقام الجواب عن هذا الاستدلال : من أن الاستعمال فيها بلحاظ حال التلبس دون الانقضاء [2] ، وذلك لما عرفت : من أن حالة الانقضاء في أمثال المقام لا تتصور ليكون الاستعمال بلحاظ حال التلبس دونها . وهذا نظير قولك : الجنب أو الحائض يجب عليهما الغسل ، فإن المراد بالجنب أو الحائض : هو كل إنسان فرض متلبسا بالجنابة أو الحيض خارجا فهو محكوم
[1] راجع في ذلك ج 3 مبحث الترتب ، و ج 4 مبحث العام والخاص . [2] كفاية الأصول : ص 70 .